من أقوال المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام عن علامات الساعة 

ضرورة تأويل النبوءات

“ثبت من قوله ﷻ أعني (وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا في مِرْيَةٍ مِنْهُ)، أن العلامات القطعية المزيلة للمِرية، والأمارات الظاهرة الناطقة الدّالة على قُرب القيامة.. لا تظهر أبدا، وإنما تظهر آيات نظرية التي تحتاج إلى التأويلات، ولا تظهر إلا في حُلل الاستعارات، وإلا فكيف يمكن أن تنفتح أبواب السماء وينـزل منها عيسى أمام أعين الناس وفي يده حربة، وتنـزل الملائكة معه، وتنشقّ الأرض وتخرج منها دابّة عجيبة تكلِّم الناسَ أن الدين عند الله هو الإسلام، ويخرج يأجوج ومأجوج بصورهم الغريبة وآذانهم الطويلة، ويخرج حمار الدجّال ويرى الناس “بين أذنيه سبعون باعا”، ويخرج الدجّال ويرى الناس الجنةَ والنار معه والخزائن التي تتبعه، وتطلُع الشمس من مغربها كما أخبر عنها رسول الله ﷺ، ويسمع الخَلق أصواتا متواترة عن السماء أن المهدي خليفة الله، ومع ذلك يبقى الشك والشبهة في قلوب الكافرين. ولأجل ذلك كتبتُ في كتبي غير مرة أن هذه كلها استعارات وما أراد الله بها إلا ابتلاء الناس ليعلم من يعرفها بنور القلب ومن يكون من الضالين. ولو فرضنا أنها تظهر بصورها الظاهرة فلا شك أن من ثمراتها الضرورية أن يرتفع الشك والشبهة والمِرية من قلوب الناس كلهم كما يرتفع في يوم القيامة، فإذا زالت الشكوك ورُفعت الحجب فأيُّ فرقٍ بقي بعد انكشاف هذه العلامات المهيبة الغريبة في تلك الأيام وفي يوم القيامة؟ انظر أيها العاقل.. أنه إذا رأى الناس رجلا نازلا من السماء وفي يده حربة ومعه ملائكة الذين كانوا غائبين من بدء الدنيا وكان الناس يشكّون في وجودهم، فنـزلوا وشهدوا أن الرسول حق، وكذلك سمع الناس صوت الله من السماء أن المهدي خليفة الله، وقرأوا لفظ “الكافر” في جبهة الدجّال، ورأوا أن الشمس قد طلعت من المغرب، وانشقّت الأرض وخرجت منها دابة الأرض التي قدمه في الأرض ورأسه تمسّ السماء، ووسَمت المؤمن والكافر، وكتبتْ ما بين عينهم مؤمن أو كافر، وشهدت بأعلى صوتها بأن الإسلام حق، وحصحص الحق وبرق من كل جهة، وتبينت أنوار صدق الإسلام حتى شهد البهائم والسباع والعقارب على صدقه، فكيف يمكن أن يبقى كافر على وجه الأرض بعد رؤية هذه الآيات العظيمة، أو يبقى شك في الله وفي يوم الساعة؟ فإن العلوم الحسّية البديهة شيء يقبله كافر ومؤمن، ولا يختلف فيه أحد من الذين أُعطوا قوى الإنسانية؛ مثلًا إذا كان النهار موجودا والشمس طالعة والناس مستيقظين فلا يُنكره أحد من الكافرين والمؤمنين. فكذلك إذا رُفعت الحجب كلها، وتواترت الشهادات، وتظاهرت الآيات، وظهرت المخفيّات، وتنـزلت الملائكة، وسُمعتْ أصوات السماء، فأي تفاوُت بقيت – بين تلك الأيام وبين يوم القيامة، وأي مفر بقي للمنكرين؟ فلزم من ذلك أن يُسلِم الكفار كلهم في تلك الأيام، ولا يبقى لهم شك في الساعة؛ ولكن القرآن قد قال غير مرة إن الكفار يبقون على كفرهم إلى يوم القيامة، ويبقون في مِريتهم وشكّهم في الساعة حتى تأتيهم الساعة بغتة وهم لا يشعرون. ولفظ “البغتة” تدل بدلالة واضحة على أن العلامات القطعية التي لا يبقى شك بعدها على وقوع القيامة لا تظهر أبدا، ولا يجليها الله بحيث تُرفع الحجب كلها وتكون تلك الأمارات مرآة يقينية لرؤية القيامة، بل يبقى الأمر نظريا إلى يوم القيامة، والأمارات تظهر كلها ولكن لا كالأمر البديهي الذي لا مفر من قبوله، بل كأمور ينتفع منها العاقلون، ولا يمسّها الجاهلون المتعصبون، فتدبَّرْ في هذا المقام فإنه تبصرة للمتدبرين”. (حمامة البشرى، ص 174-176)

 

تفويض تفاصيل الأنباء الغيبية

“وما كان حقّهم أن يُؤَوّلوا أنباء الله قبل وقوعها، بل كان من حسن الأدب أن يفوّضوا إلى الله مجاري ينبوعها، وكذلك كانت سيرة كبراء الأمّة. إنهم كانوا لا يصرّون على معنى عند بيان الأنباء الغيبية، بل كانوا يؤمنون بها ويفوّضون تفاصيلها إلى عالم الحقيقة. وهذا هو المذهب الأحوط عند أهل التقوى وأهل الفطنة. ثم خلَف مِن بعدهم خلفٌ جاوزوا حدّ علمهم وحدّ المعرفة، ونسوا ما قيل: (لا تَقْفُ ما ليس لك به علم)، وطفَروا في كلّ موطن طَفْرَ البقّة، وأصرّوا على أمرٍ ما أحاطوه حقّ الإحاطة. يا حسراتٍ عليهم وعلى جرأتهم! قد أصابت الملّة منهم صدمةٌ هي أُخت صدمة النصرانية، وما هم إلا كجدْب لسنوات الملّة. يرفعون عيسى مع جسمه إلى السماء، ولا يتدبّرون قوله تعالى: (قُلْ سبحان ربّي)، بل يزيدون في البغض والشحناء”. (الاستفتاء، ص 63)

الابتلاءات في الأخبار المستقبلبة

“وأما الاختلافات التي وقعت في خبر نزول المسيح، فالأصل في هذا الباب أن الأخبار المستقبلة المتعلقة بالدنيا لا تخلو عن الابتلاء، وكذلك يريد الله منها فتنةَ قوم واصطفاء قوم، فيجعل في مثل هذه الأخبار استعاراتٍ ومجازات، ويُدقّق مأخذها ويجعلها غامضة دقيقة فتنةً للذين يُكذّبون المرسلين، ويظنون ظن السوء كالمستعجلين. ألا ترى إلى اليهود كيف شَقُوا في ردِّ الرسول الصادق الذي جاء كطلوع الشمس مع وجود خبر مجيئه في كتبهم. ولو شاء الله لكتب في التوراة كل ما يهديهم إلى صراط مستقيم، ولأخبرهم عن اسم خاتم الأنبياء -ﷺ- وعن اسم والده واسم بلدته وزمان ظهوره واسم صحابته واسم دار هجرته، ولكتب صريحا أنه يأتي من بني إسماعيل، ولكن ما فعل الله كذلك بل كتب في التوراة أنه يكون منكم من إخوانكم، فمالت آراء اليهود إلى أن نبي آخر الزمان يكون من بني إسرائيل، ووقعوا من هذا اللفظ المجمل في ابتلاء عظيم، فهلك الذين ما نظروا حق النظر، وظنوا أن يخرج النبي من قومهم ومن بلادهم، وكذّبوا خاتم النبيين”. (حمامة البشرى، ص 86)

بغتيّة الساعة

“انظر أيها العاقل.. أنه إذا رأى الناس رجلا نازلا من السماء وفي يده حربة ومعه ملائكة الذين كانوا غائبين من بدء الدنيا وكان الناس يشكّون في وجودهم، فنـزلوا وشهدوا أن الرسول حق، وكذلك سمع الناس صوت الله من السماء أن المهدي خليفة الله، وقرأوا لفظ “الكافر” في جبهة الدجّال، ورأوا أن الشمس قد طلعت من المغرب، وانشقّت الأرض وخرجت منها دابة الأرض التي قدمه في الأرض ورأسه تمسّ السماء، ووسَمت المؤمن والكافر، وكتبتْ ما بين عينهم مؤمن أو كافر، وشهدت بأعلى صوتها بأن الإسلام حق، وحصحص الحق وبرق من كل جهة، وتبينت أنوار صدق الإسلام حتى شهد البهائم والسباع والعقارب على صدقه، فكيف يمكن أن يبقى كافر على وجه الأرض بعد رؤية هذه الآيات العظيمة، أو يبقى شك في الله وفي يوم الساعة؟ فإن العلوم الحسّية البديهة شيء يقبله كافر ومؤمن، ولا يختلف فيه أحد من الذين أُعطوا قوى الإنسانية؛ مثلًا إذا كان النهار موجودا والشمس طالعة والناس مستيقظين فلا يُنكره أحد من الكافرين والمؤمنين. فكذلك إذا رُفعت الحجب كلها، وتواترت الشهادات، وتظاهرت الآيات، وظهرت المخفيّات، وتنـزلت الملائكة، وسُمعتْ أصوات السماء، فأي تفاوُت بقي بين تلك الأيام وبين يوم القيامة، وأي مفر بقي للمنكرين؟ فلزم من ذلك أن يُسلِم الكفار كلهم في تلك الأيام، ولا يبقى لهم شك في الساعة؛ ولكن القرآن قد قال غير مرة إن الكفار يبقون على كفرهم إلى يوم القيامة، ويبقون في مِريتهم وشكّهم في الساعة حتى تأتيهم الساعة بغتة وهم لا يشعرون. ولفظ “البغتة” تدل بدلالة واضحة على أن العلامات القطعية التي لا يبقى شك بعدها على وقوع القيامة لا تظهر أبدا، ولا يجليها الله بحيث تُرفع الحجب كلها وتكون تلك الأمارات مرآة يقينية لرؤية القيامة، بل يبقى الأمر نظريا إلى يوم القيامة، والأمارات تظهر كلها ولكن لا كالأمر البديهي”. (حمامة البشرى، ص 175-176)

About مرزا غلام أحمد الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام

View all posts by مرزا غلام أحمد الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام

One Comment on “علامات الساعة – من أقوال المسيح الموعود عليه السلام”

Comments are closed.