في تفسير سورة النجم 1-5

سورة النجم مكية

{وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}

إن الله الذي خلق لكم في الظلمات المادية أسبابا مادية ترتاحون بها بشرط أن تنتبهوا إليها، فكيف يمكن ألا يخلق أسبابا لراحتكم الأبدية وسعادتكم الروحانية؟ لقد خلقها بلا ريب. إذا كان هناك نجم مرشد في ليل مادي لا يمتد إلا إلى بضع ساعات فلا بد أن يكون قد خلق بفضله مرشدا في هذا الليل الروحاني والليل الطويل جدا من الهموم والغموم ليوصلكم إلى غايتكم المقصودة وسعادتكم الأبدية. من هو ذلك النجم يا ترى؟ هو محمد المصطفى – صلى الله عليه وسلم – دون شك. والدليل هو: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} وأما وجه الإثبات فهو: جرّبوا بأنفسكم في بلادكم وتدبّروا، ارفعوا نظركم وانظروا كيف كان هذا الشخص الذي هو من أقاربكم وجليسكم الذي اسمه محمد، أحمد، أمين والذي يناديه كباركم وصغاركم بهذه الأسماء الجميلة دائما؟ ألا يكفيكم مرشدا. لا شك أنه كذلك لأن علم النظريات يتم بالبديهيات دائما، والوصول إلى نتائج غير المعلومة يتأتّى بالمقدمات المعلومة. يتم العثور على فلسفة دقيقة نظرا إلى قواعد عامة.

تعلمون أن هناك ثلاثة أسباب لعدم عدِّ أحد إنسانا كاملا. أولا لأنكم لا تكونون مطّلعين جيدا على أحوال ذلك الشخص الذي يدّعي أنه هادٍ كامل وإنسان كامل. ثانيا: الذي يدّعي أنه هاد كامل وإنسان كامل قد لا يكون لديه علم صحيح. ثالثا: مع حيازته على علم صحيح لا يعمل به كما يجب بناء على عادته. ففي هذا الرسول، خاتَم النبيين، لا يوجد أيٌّ من هذه العيوب الثلاثة: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} أي لم ينس صاحبكم ولم يعمل شيئا بدون علم، ولم يُتَّهم بالعمل بما يخالف العلم الصحيح. فالرد على السبب الأول لعدم الإيمان به هو أنه يجب أن تروا بناء على خبرة كاملة ممتدة على أربعين عاما هل في هذا الشخص (بأبي وأمي – صلى الله عليه وسلم -) ما يعيبه؟ والرد على الوجه الثاني هو أن التعبير: {مَا ضَلَّ} أي لم ينس، بل كلما خطط لصالحكم ولصالحه تحمل خططه ثمارا حسنة في نهاية المطاف. والرد على الوجه الثالث هو: {وَمَا غَوَى} أي عاش بين ظهرانيكم إلى أربعين عاما، وسمِّي صاحبكم، فهل اتُّهِم بأي علم سيّء؟ كلا. فالذي عمل الصدق والحق إلى أربعين عاما، والذي بايع على يده الصديق، ولم يُتَّهم أيٌّ واحد من أتباعه بالكذب في تبليغ أحكام الإسلام، والذي لم يفترِ على المخلوق قط فهل سيفتري عليّ الآن؟ كلا. فلو أمعنتم النظر في تجاربكم ومعلوماتكم الصحيحة السابقة وتأملتم في سلوكه الممتد على أربعين عاما لكانت النتيجة: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}.ثم اسمعوا، إن علومه وتعليماته ليست نتيجة تعليم معلّم ضعيف، وهو ليس غير مثقَّف بل إن تعليمه دليل قويّ على نبوته ورسالته، وهو تعليم معلّم عظيم. وقد صلح هو بنفسه وحسُن بعد بلوغه أعلى مدارج التعليم. هذا هو معنى الآيات الثلاثة بما فيها: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (تصديق البراهين الأحمدية، ص193 – 195)

 كلما يأتي إلى الدنيا هادٍ تكون هناك عدة طرق لمعرفته.

الأول: ألا يكون جاهلا يعوزه العلمُ، إذ من الضروري للهادي الذي يأتي من الله ألا يكون جاهلا ومفتقرا إلى العلم. اقرأوا كتاب الله وانظروا أن المعارف والحقائق التي ذُكرت فيه لا يمكن أن تكون نتاج أفكار جاهل وغبي. فكّروا ثم فكِّروا أن الجهلاء لا يستطيعون أن يتكلموا بكلام مليء بالمعرفة والصدق.
ثانيا: يجب ألا يكون ذلك الهادي أجنبيا، لأنه يمكن للأجنبي أن يذهب إلى بلد بعيد ويُظهر كونه صالحا تصنعا لبضعة أيام مع كونه سيئا وشريرا. فمن الضروري للهادي أن يكون من معارف هؤلاء الناس. وعلى ذلك فإن ادّعاء النبي – صلى الله عليه وسلم -: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} متحقق بوضوح وجلاء تام.

الأمر الثالث هو أن على الهادي أو الإمام أو المرشد أن يكون عاملا أيضا بحسب علومه الصادقة، إذ لا يجوز أن يأمر الناس ولا يعمل بنفسه. فقد ذكر الله تعالى هذا الأمر بحق النبي – صلى الله عليه وسلم -: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى}. إن كيفية عمل النبي – صلى الله عليه وسلم – بذلك هي كما بيّنت السيدة عائشة رضي الله عنها سوانح حياته – صلى الله عليه وسلم – في جملة واحدة فقالت: “كان خلقه القرآن”، أي أن أعماله وأفعاله كانت تطابق القرآن الكريم تماما. (الحكم، عدد: 19/ 4/1899، ص5)

لقد بيّن الله تعالى ضرورة هادٍ وصفاته التي يجب وجودها فيه، وكما بيّن وجودها في شخص النبي – صلى الله عليه وسلم – الطاهر بصورة أعلى وأتم وأكمل بأسلوب جميل إنما هو من مزايا القرآن الكريم الإعجازية التي توجد في الكتاب الحكيم بوجه خاص. فأولا وجّه الأنظار من النظام المادي إلى النظام الروحاني قائلا: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى}. ولكون “النجم” تحت “سمة الرأس” يتم العثور على طرق في الغرب والشرق والجنوب والشمال. فما دام هذا النظام موجودا لرفاهية الأجسام وبحبوحتها فلماذا لا تكون هناك حاجة إلى نجم للهداية إلى الصراط المستقيم في العالم الروحاني؟ ثم قال بعد ذلك بوجوب تحلّي هذا الهادي بثلاث صفات، أولا يجب أن يكون عالمًا بالأمور بنفسه ومطّلعا على الحسنة والسيئة والنافع والضار. ثانيا: يجب ألا يكون أجنبيا، بل يكون مطّلعا على تقاليد ذلك البلد وعادات أهله وأمزجتهم وأحوالهم، كذلك يجب أن يكون أهل ذلك البلد أيضا مطّلعين جيدا على سيرته وعلمه ومواهبه لئلا يكون مخدوعا ولا خادعا. ثالثا: يجب أن يكون عالما عاملا وينفق علمه لإصلاح إخوته، ولا يزيد المفاسد والشرور بعلمه.

هذه الصفات العليا كانت موجودة في محمد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بصورة أكمل. كان الله شديد القوى قد علّمه، وقد نال لقب: {وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى} وجاء بحقه: {يُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} (الجمعة: 3) وما قاله – صلى الله عليه وسلم – لم يكن ناتجا عن الهوى بل كان وحيٌ يوحى. لذا ينطبق عليه {مَا ضَلَّ} بالتمام والكمال. ولم يكن أجنبيا، فقال الله تعالى: {صَاحِبُكُمْ}. كان أكابر العرب وأهل الرأي السديد يقرّون بمكارم أخلاقه. فقد قدّم ادّعاء سيرته الحسنة بكل قوة وتحدٍّ فقال: {فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ} (يونس: 17). كان حائزا على لقب الأمين على أية حال، وظل يسعى ليرشد الناس إلى الصراط المستقيم بعلمه وقد صدّقت الأحداث هذا الأمر. الذين كانوا يذكرون أسوأ الذنوب مثل الزنا والخمر والقمار في مجالسهم بكل اعتزاز ندموا على فعلهم وبدلا من شرب الخمر بدأوا بأداء الصلوات ثماني مرات ناهيك عن خمس مرات. كذلك تركوا كل سيئة واختاروا مقابل كل سيئةٍ حسنةً. فانطبق عليه {مَا غَوَى}

-من كتاب تشحيذ الأذهان، مجلد7، رقم8، ص225 – 226)

About الخليفة الأول للمسيح الموعود المولوي نور الدين القرشي رضي الله عنه

View all posts by الخليفة الأول للمسيح الموعود المولوي نور الدين القرشي رضي الله عنه

One Comment on “تفسير: والنجم إِذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى”

  1. وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى… .أي أن رسول الله رأى ربه بفؤاده في عروجٍ ونزلةٍ ورحلةٍ أُخرى
    ……………
    من عجائب ما يقول به غالبية الشيوخ من أتبعتموهم وكأن الله عرج بنبيه ليُريه جبريل عليه السلام؟؟!! إذا كان سيدنا جبريل عليه السلام ، شديد القوى ، وبأنه هو من علم رسول الله ذلك العلم….فماذا أبقيتم لله؟؟!! يقول الله {… أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً … }البقرة165 {..لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ …}الكهف39 {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ }الذاريات58..وجبريل ذوة قوةٍ وليس شديد القوى.. كُل القوى التي أوجدها الله هي من قُوى وقوة الله .
    ………….
    كيف حولوا كلام الله في سورة النجم وكأنه عن ملاك الوحي جبريل عليه السلام ، ومن تفسيراتهم تجد وكأنهم يُفسرون لك إستعراضات من جبريل أمام رسول الله؟؟!! ، وكأن الله عرج بنبيه ليُريه جبريل واستعراضاته ، فهل الله يتحدث عن نبيه ورسوله أم عن ملاكه؟؟ ، فهل سيدنا جبريل عليه السلام كان عند سدرة المُنتهى أو وصل لعندها ؟؟!! لأن رؤية رسول الله لربه بفؤاده كانت عند سدرة المُنتهى ، وهل جبريل في الأُفق الأعلى أي في نهاية الكون وأطرافه النهائية ، ونهايته وحدهُ النهائي وهو وجود الله مُستوياً على العرش مُحيطاً وواسعاً ومعتلياً للكون الذي خلقه…فمن دنى أي إقترب هو الله ، ومن تدلى من الأُفق الأعلى أي نزل من الأعلى للأسفل حتى وصل لسدرة المُنتهى حتى يكون قريب من عبده هو الله..وتدلى مأخوذٌ منها الدلو ، والتدلي هو النزول من الأعلى للأسفل ،…فرسول الله لم يتعدى وجوده وقربه إلا من سدرة المُنتهى والتي عندها جنة المأوى..ولا بُد لله بأن أكرم عبده أن دنا منهُ وتدلى إليه…(فأوحى إلى عبده..) هي مفتاح لفهم ما ورد .
    ……………
    {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى }{ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى } {وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى}…والضمير هُنا عائد وراجع إلى الله في علمه..فشديد القوى هو الله….والأعلى هو الله..{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى }الأعلى1 والذي علم رسول الله هو الله…ففي هذه الآيات المقصود هو الله ، لأن من في الأٌفق الأعلى ونهاية الكون الأعلى هو الله ، ولأن شديد القوى هو الله ، وذو مرة أي ذو إحكامٍ للأمور كُلها وهو الحُسنُ والجمالُ كُله هو الله ، وهو الذي علم نبيه ، وجبريل أمين وناقل للوحي لا عُلاقة لهُ بتعليم نبي الله ، والله هو الجمالُ والحُسن كُله وكمال الحال كُله الذي أستوى على العرش وتمكن مما خلق ، وهو الذي في الأُفق الأعلى والمقام الأعلى…أي أطراف ونهاية إتساع الكون…وشديد وردت في كتاب الله 52 مرة منها 45 مرة كُلها تعلقت الشدة فيها بالله وكمثال..{وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ }الرعد13…ورسول الله قال إن الله جميل يُحب الجمال..فشديد القُوى هو الله…ومن بالأُفق الأعلى هو الله .
    …………….
    {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} النجم 11….وهو أن رسول الله ونبيه رأى ربه بفؤاده..والله يؤكد بأن فؤاده ما كذب فيما رآه
    …………..
    الرحمن سُبحانه وتعالى وثق رحلة المعراج ، أو رحلة عروج نبيه ورسوله إليه ، في سورة النجم من الآيات1-18…حيث يُقسم بالنجم إذا هوى ، وما يعلم قسمه وعظم قسمه إلا هو ، ولم تكُن رحلة المعراج لسيدنا جبريل بل كانت لرسول الله وهو الذي دنى من ربه أو ربه الذي دنى منهُ…حيثً يقول سُبحانه وتعالى :-
    …………….
    {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى }{مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى }{وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى }{إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى }{عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى }{ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى } {وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى }}ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى{ }فكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى{ }فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى{{مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى}{أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى}{وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى}{عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى}{عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى}{إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى}{مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى}{لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} سورة النجم 1-18… ما كذب فؤاده ما رأى ، أفتجادلونه على ما رأى
    …………….
    وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ، من الذي كان بالأُفق الأعلى غير الله ثُم دنا ، ودنا من ذلك المكان والمقام العالي ، وربه دنا منهُ ودنا من ربه وأن الله هو الذي دنا من نبيه ورسوله وقرب منهُ لكي يوحي لهُ ما أوحى ، فكان الله قاب قوسين أو أدنى من عبده ، وعبده قاب قوسين من ربه ، فَأَوْحَى الله إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى ، دون أن يكون جبريل موجود ، وجبريل لم يصل وما وصل لذلك المكان…من هو الذي أوحى الله لهُ ما أوحى وسماهُ عبدهُ ، ووحيه كان دون وسيط…أليس عبده هو نبيه ورسوله مُحمد وليس جبريل… ولذلك فالذي دنى فتدلى وكان في الأُفق الأعلى ، وكان قاب قوسين أو أدنى من عبده ، هو اللهُ ، وعلمه شديد القوى ، والله هو الذي علم نبيه ورسوله ، والذي قال أدبني ربي فأحسن تأديبي. وجعله على خُلقٍ عظيم..فهل سيدنا جبريل كان قاب قوسين أو أدنى من الله ، أو أن الله دنا من جبريل أو جبريل دنا من الله ؟؟!! وهل الله أوحى لجبريل أم لنبيه ورسوله؟؟!! .
    ………….
    ورحلة المعراج لرسول الله ، ومن يتكلم عنهُ الله وما همه بالكلام عنهُ ، إلا الكلام عن نبيه ورسوله وخير خلقه ، وآخر وخاتم النبيين والرُسل ، وليس همُ الله هو التكلم عن ملاكه وأمين وحيه جبريل عليه السلام… وكما تم إيراده بأن الملاك جبريل عليه السلام بأنهُ رافق رسول الله في رحلته للإسراء ، وفي رحلته للمعراج..ومدى علمُ وصحة ذلك هو عند الله …وفي رحلة المعراج كان لسيدنا جبريل حد وحدود لم يتخطاها…وتقدم رسول الله لذلك المقام ، الذي لم يبلغه أيٌ من البشر والخلق ، ولا حتى ملاكُ مُقرب ولا رسولٌ مُرسل… حيث دنا منهُ ربه ودنا من ربه ما دنى ، فكان الله قاب قوسين أو أدنى من عبده ، وكلمه ربه فأوحى الله لعبده ما أوحى في ذلك المقام العالي…ورأى ما رأى عندما قال رأيتُ ما رأيت…وفي مقام آخر رأيتُ نوراً ، والرؤية كانت بفؤاده..ثُم رأى من آيات ربه الكُبرى….وليس هذا ما تم السعي لطرحه .
    ……………….
    وهو أن الله قصد بقوله.. وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى…ليس جبريل عليه السلام ، بل قصد الله أن نبيه ورسوله رأى ربه مرةً ثانية ، أياً كانت هذه الرؤية وكيفيتها ، أي أن الله عرج بنبيه أكثر من مرة.. أي أنه كان هُناك عروج قبل نزول سورة النجم وربما بعدها….وأين تم ذلك أو تمت تلك الرؤية لربه عند سدرة المُنتهى والتي عندها جنة المأوى حيث ما زاغ بصر رسول الله وما طغى…حيث أن ملاك الله جبريل عليه السلام لم يتقدم نحوها وللمكان الذي هي فيه..وقسم الله بالنجم ما علاُلاقته بالثُريا…فهل الثُريا تهوي أو أنها هوت .
    …………..
    بينما رؤية رسول الله لجبريل على صورته الحقيقية لم تتم إلا مرةً واحدةً…ولذلك فإذا كلم الله سيدنا موسى وكان تكليمه لهُ على الأرض وكان الصوت يأتيه من جميع الجهات ، وسمي كليم الله ، فإن كليم الله مُحمد بن عبدالله كلم الله في أعلى مقام في السموات العُلى وكان بينه وبين ربه قوسين أو أدنى ، ولا يفوتنا التنبيه بأن الكثيرون لا يظنون بأن هُناك كليم لله إلا سيدنا موسى .
    …………..
    ولذلك فقد أخطأ من فسر وفهم بأن الله يتكلم عن جبريل….والآيات المعنية كُلها تتكلم عن نبي الله ورسوله ، وكان هذا هدف الله من قسمه بالنجم ومن إنزاله لتلك السورة..فقول إبن عباس رضي الله عنهما هو الصحيح..ولذلك فما نُسب لأُمنا عائشة رضي اللهُ عنها وتقويلها بأن المقصود هو جبريل غير صحيح… فهل الله عرج بنبيه للسموات العُلى ليُريه جبريل ويدنو منهُ جبريل وكأن العملية لعب بلعب بين رسول الله وجبريل؟؟؟!!
    ……………
    أما رؤية رسول الله لجبريل عليه السلام على صورته وحجمه الحقيقي , من قبل المشرق لمطلع الشمس وقد سد الأُفق ولهُ600 جناح ، والذي ما حدث إلا مرةً واحدةً ، وتم الخلط بين ما جاء في سورة النجم وما جاء في سورة التكوير ، فجاء ذكر الله لذلك في سورة التكوير….حيث يقول الحق سُبحانه وتعالى
    ……………
    { وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ }{ وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ }{ وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ }التكوير 22-24
    …………………..
    وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ …والأُفق الأعلى ليس الأُفق المُبين الأرضي والمرئي والواضح للبشر وهو جهة مطلع الشمس وشروقها…بينما الأُفق الأعلى وهو الوجود لله الذي هو فوق السموات العُلى وفوق الكون ونهاية الكون وحده النهائي .
    ……….
    إسمعوا للتفسير التقليدي للشيخ صالح المغامسي لا قول لهم إلا قول من سبقهم ، قف حيث وقف القوم
    …………………
    https://www.youtube.com/watch?v=TN5YLxiR-G0
    ……………..
    الأُفق الأعلى يا شيخ في السماء الدُنيا؟؟!!….سامحك الله فمن يرهن عقله لعقل ولنقل من سبقه لا يمكن أن يتفكر ويتدبر كلام الله كما طلب الله..نقل بدون عقل…النجم القرءان عجيب؟؟؟!!! جبريل إستوى على ماذا يا شيخ هل لهُ عرش إستوى عليه؟؟ سورة النجم عند الشيخ هي عن جبريل…فمن يُشاقق الله ويؤمن بأن الأنبياء والرُسل الذين أخبر الله بأنهم ماتوا وأخلوا مكانهم في هذه الحياة الدُنيا ، بأنهم أحياء يُصلون في قبورهم وصلوا خلف رسول الله وأمهم في رحلة الإسراء ، والتقاهم في تلك السموات….طبيعي أن يؤمن بهذا التفسير ويقول به للناس على الملأ .
    ……………
    يا شيخ ما معنى…. مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى…أليس المعنى أن رسول الله رأى ربه بفؤاده؟؟ ورأى آيات ربه الكُبرى بعيونه ، أم أنه رأى آيات ربه الكبرى بفؤاده؟؟!! وكذلك رأى من آيات الله في رحلة الإسراء بعيونه…أم يا شيخ رأيك بفؤاده؟؟!
    ……………..
    وكأن الله لا هم لهُ ويقسم بالنجم فقط لكي يرى نبيه ورسوله جبريل…مرة ومرةً أُخرى…يا شيخ… فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى…هل عبده هو جبريل أم سيدنا مُحمد…وهل الله إستدعى لرحلة المعراج نبيه أم ملاكه…جعلتم سورة النجم ، وكأن هم الله ولا حديث لهُ إلا عن سيدنا جبريل عليه السلام .
    …………….
    كُل ما نٌقدمه هو مُلك لمن يطلع عليه ، فنتمنى ممن أعجبه أن نشره
    …………………….
    عمر المناصير..الأُردن…….27 / 2 / 2020

Comments are closed.