خطبة الجمعة 27/9/2109م

في نونسبيت بمناسبة الجلسة السنوية لجماعة هولندا

تزدهر جماعة هولندا أيضا كباقي الفروع للجماعة في العالم من حيث العدد والوسائل. وتُنشر هنا كتبُ الجماعة ، واقتنت الجماعة بعض المراكز الجديدة ومسجدا أيضا.

كل أحمدي يعيش هنا متحررا من القيود التي كان يواجهها في باكستان ولهذا يجب أن يشكر الله تعالى بوجه خاص ويسعى كل السعي لأداء حق البيعة للمسيح الموعود u. قال المسيح الموعود u “الهدف الحقيقي من البيعة هو أن يفتُر حبُّ الدنيا ويستولي على القلوب حبُّ الله I وحبُّ الرسول الأكرم r وتتيسر لهم حالة من الانقطاع التام عن الدنيا حتى لا يعود السفر إلى الآخرة مكروها لديهم.” (مجموعة الإعلانات ج1)

فهذه الجلسات إنما تُعقد للتذكير المتكرر بأنه ما هو الهدف من بيعتنا، بأن تفتر حب الدنيا نهائيا ويسيطر على القلب حب الله وحب الرسول r . وما دمنا قطعنا عهد البيعة فلا بد أن نجتهد لذلك، ولا بد أن نضحي بأعمالنا الدنيوية من أجل أداء حقوق الله تعالى، وحقوق العباد لأن الله تعالى أمر بأداء حقوق العباد أيضا، وإذا عصينا الله فيما يتعلق بحقوق العباد فهذا يعني أننا لا نؤدي حق انضمامنا لجماعة المسيح الموعود u.

ثم وجّهنا المسيح الموعود u إلى حب الرسول r، فإن وسيلة استجابة الأدعية والعاقبة الحسنة الآن هي الرسول r، يقول الله تعالى في القرآن الكريم ]قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ[ (آل عمران: 32) أي إن الله تعالى يحبكم حين تتبعون الرسول المقبول r وتعملون بسنته وتمتثلون لأوامره، قال u: تذكروا أن اتّباع القرآن الكريم وكلام النبي r والصلاة والصوم وغيرها من الطرق المسنونة ليس دونها أي مفتاح لفتح أبواب أفضال الله وبركاته. هذ هو الطريق الوحيد وليس هناك طريق آخر.

ثم يقول u: اخلقوا في أنفسكم حالة من التبتل والانقطاع إلى الله تعالى، أي حالةً تُبعدكم عن اللهو واللعب الدنيوي، حتى يصبح كل عمل من أعمالكم تابعا لأحكام الله تعالى وأحكام رسوله r.

إن أيام الجلسة الثلاثة هذه هي بمثابة دورة تدريبية، نبذل فيها جهودنا لإزالة النقائص والتقصيرات من أعمالنا لأن حدوث ذلك ممكن عندما يخرج من بيئة إلى أخرى.

يقول المسيح الموعود u في ذكر فوائد الجلسة: “يجب على الإخوة أن يحضروا حبًّا لله في الموعد المحدد من أجل الاستماع إلى الأحاديث الربانية وللاشتراك في الدعاء”. ثم يقول:

“سوف نشتغل أثناء هذا الاجتماع في بيان الحقائق والمعارف التي هي ضرورية للزيادة في الإيمان واليقين والمعرفة”.

إذًا، إن الهدف من الجلسة هو رفع مستوى الإيمان واليقين والمعرفة. وقال u في موضع آخر إن هذه الجلسة ليست كمهرجانات دنيوية عادية حيث يجتمع الناس وينهمكون في اللهو واللعب فحسب. كما ليس الهدف من جلساتنا إظهار عددنا. فيجب على كل من يشرك فيها….. أن يتنبه جيدا إلى الازدياد إيمانا ويقينا ومعرفة وحبا لله ولرسوله. فإذا كان المشتركون في الجلسة يزدادون إيمانا ويقينا ومعرفة، عندها فقط يزداد حبهم لله ولرسوله.

ولكن مقتضى الإيمان الحقيقي هو، كما يقول المسيح الموعود u، ألا نكسب الحسنات طمعا في الأجر بل نكسبها للعمل بأوامر الله تعالى فقط. يقول u ما معناه: لا يكتمل إيمان المرء إلا إذا زالت من ذهنه فكرة الحصول على الأجر. يقول u: صحيح أن الله تعالى لا يضيع أية حسنة بل يقول: ]إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ[ فيجب على كاسب الحسنات ألا يهتم بالأجر. فالحسنة الحقيقية هي التي تُكسب بغير الطمع في الأجر والإنعام. فعلينا أن نحسن معاملة الناس ونؤدي حقوقهم واضعين هذا المبدأ في الحسبان، لأن معاملة الناس بالحسنى إنما هو أمر من الله تعالى ورسوله وسنته r. فقد أمرنا النبي r أن نسعى جاهدين لأداء حقوق بعضنا بعضا ونضرب أمثلة عليا في الأخلاق الفاضلة سواء نلنا عليها أجرا من الناس أم لا، ولنعلم أن الله تعالى يعطي الأجر على الحسنة حتما. فما دام إلهنا يعاملنا على هذا النحو فكم حري بنا أن نعمل بأمر الله تعالى لنيل رضاه ونجتنب السيئات التي أمرنا U باجتنابها.

فلو حظي الإنسان بحب ذاتي لله تعالى وعبَده I منصبغا بصبغة الحب الذاتي لكانت العبادة خالصة لله تعالى، وعندها سوف تتلاشى الأغراض الدنيوية كلها. وعندها ستتبين حقيقة إيثار الدين على الدنيا، وعندما ستنتهي الأغراض المادية فسوف يَرزق الله الإنسان من حيث لا يحتسب، كما قال I: ]وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ[. يقول سيدنا المسيح الموعود u في تفسير آية ]وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا[

… فمن الحق والصدق تماما أن الله لا يُضيع عباده أبدًا، وهو يحميهم من أن يمدوا أيدي السؤال إلى الآخرين.. أما أنا فأؤمن أنه إذا كان المرء متوجها إلى الله وكان صادقًا فإن الله يبارك في عائلته حتى سبعة أجيال ويمد إليه يد رحمته وبركته (إلا أن يعمل أحد بشقاوته أعمالا تحرمه من فضل الله I) ويحميهم بنفسه.

الغاية التي بيَّنها الله I من خلْق الإنسان هي العبادة كما ورد ]وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ[. لكنه خلاف ذلك تظهر الغايات والأماني الأخرى. قال حضرته: فقد بُعثت ليعود زمنُ الإيمان من جديد وتنشأ التقوى في القلوب.

فاليوم من واجبنا أن نؤدي حق بيعتنا من ناحية ونزداد حبا لله I ونرسخ التوحيد في قلوبنا، يجب علينا أن لا ندَّخر جهدا لخلق حب الله ورسولِه في قلوب أولادنا وأجيالنا القادمة أيضا، وكذلك يجب أن نُطلع العالم أيضا على حقيقة وجود الله. كما تقع علينا مسئولية مواصلة أعمال المسيح الموعود u ومهمتِه بعد أن بايعناه. وفقَنا الله لذلك، بحيث نقضي أيام الجلسة هذه سعيا لرفع معايير عباداتنا والدوام عليها، ونزداد دوما حبا لله ورسوله ولا تستولي علينا ملذات الدنيا وأهواؤها أبدًا. وكل ذلك يستحيل بدون الفضل من الله، لذا ثمة حاجة ماسة للدعاء الكثير لاستنزال أفضال الله I ولا بد من الاهتمام بهذا كثيرا، وفقَنا الله لذلك.