ملخص خطبة  الجمعة 16/10/2020م

تناول حضرته في هذه الخطبة حياة الصحابي البدري حضرة معوذ بن الحارث t. كان معوذ من أنصار الخزرج. والده حارث بن رفاعة ووالدته عفراء بنت عبيد. كان له أخَوان، معاذ وعوف ، وكان هؤلاء الإخوة الثلاثة يُعرَفون باسم أمهم إضافة إلى أبيهم، فكانوا يُعرَفون ببني عفراء.  لقد ذكر ابن اسحاق أن معوذًا شهد العقبة الثانية مع السبعين من الأنصار. تزوج معوذ من أمّ يزيد بنت قيس فوُلد له منها بنتان.

شهد معوذ بدرًا مع أخويه معاذ وعوف. وفي بدر كان لمعاذ وعوف ومعوذ -الذين سُمّوا ببني عفراء – ولمولى لهم أبي الحمراء جملٌ واحد فحسب وكانوا يتناوبون الركوب عليه. وكان له يد في قتل أبو جهل.

استشهد معوذ في غزوة بدر وهو يقاتل، وقتله أبو مسافع.

الصحابي الآخر الذي تناول حضرته ذكره هو أبي بن كعب t. كان من الأنصار من بني معاوية أحد بطون الخزرج.

كان أبيّ رجلاً متوسط القامة، وأبيض الرأس واللحية ولم يكن يغير شيبه بالتخضيب، وقد شهد أبي بن كعب العقبة الثانية مع سبعين شخصًا.

كان أبيّ يعرف القراءة والكتابة قبل الإسلام وبعد إسلامه تشرف بكتابة الوحي النازل على النبي r.

آخى النبي r بين أبي وطلحة بن عبيد الله، وفي وراية أنه r آخى بينه وبين سعيد بن زيد.

يقول المصلح الموعود t:

كان أبيّ بن كعب t أحد الأربعة الذين قال النبي r عنهم أنهم قراء الأمة أي مَن أراد أن يتعلم القرآن فليتعلمْ مِن هؤلاء. وهو من كتبة الوحي الخمسة عشر.

وقد ورد في الحديث أن الرسول r كان يقول: “خذوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ”

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ t قَالَ النَّبِيُّ r لِأُبَيٍّ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ (لَمْ يَكُنْ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ). قَالَ: وَسَمَّانِي؟ قَالَ r: نَعَمْ، فَبَكَى أبيّ.

لقد أحيا عمر الفاروق بعد رسول الله r ذكرى هذه الجملة مرات عديدة، ففي إحدى المرات قال على منبر المسجد النبوي: أقرأ القراء أبي بن كعب.

عن أَنَس بْن مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: جَمَعَ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ r أَرْبَعَةٌ كُلُّهُمْ مِنْ الْأَنْصَارِ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَبُو زَيْدٍ. رواه البخاري.

قال النبي r: “أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في دين الله عمر، (أي هو متمسك بالمبادئ بشدة) وأصدقهم حياء عثمان، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم أبي بن كعب، ولكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح.”

أول من كتب الوحي لرسول الله r بعد قدومه إلى المدينة أبيُّ بن كعب. وأول من كتب في آخر الكتاب “وكتب فلان” هو أبي بن كعب،  وبعده بدأ الآخرون أيضا يقلدونه.

حفظ أبي كل حرف للقرآن الكريم من فم الرسول r وكان النبي r يهتم بتعليمه بوجه خاص نظرا إلى شوقه.

ذات مرة صلى النبي r الفجر فترك آية، فقال أبي: يا رسول الله، إنك لم تقرأ آية كذا فهل نُسخت أو نسيتها؟ فقال النبي r: نسيتُها. ثم قال: قد علمت إن كان أحد أخذها عليّ فإنك أنت هو.

يتبين كمال أبيّ بن كعب في قراءة القرآن الكريم من هذا الأمر أن النبي r نفسه كان يقرأ القرآن على أبيّ، ففي العام الذي تُوفّيَ فيه رسول الله r قرأ القرآن على أُبي وقال: أمرني جبريل أن أقرأ عليك القرآن، فقرأ النبي r القرآن على أُبي t.

عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله r: يا أبا المنذر، أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟ قال أُبي: قلتُ الله ورسوله أعلم، قال (مرة أخرى): يا أبا المنذر، أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟ قال: قلت “الله لا إله إلا هو الحي القيوم” قال: فضرب في صدري وقال: والله ليهنك العلم أبا المنذر.

في العهد النبوي المبارك علّم أبي بن كعب طفيل بن عمرو الدوسي القرآن فأهداه قوسا، فغدا إلى النبي r متقلدها، فقال له النبي r: من سلّحك هذه القوس يا أبيّ؟ قال: أهداني تلميذ لي أقرأته القرآن، فقال له رسول الله r: أرجعه ولا تأخذ مثل هذه الهدايا في المستقبل.

شهد أُبيّ بن كعب رضي الله عنه بدرًا وأحدا والخندق وسائر الغزوات مع النبي صلَى الله عليه وسلم.

رُمِيَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ يَوْمَ أُحُدٍ بِسَهْمٍ فَأَصَابَ أَكْحَلَهُ فَأَرسل إليه النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طبيبا فقطع أَكْحَله وكوى عليه. بعد القتال يوم أحد قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بن كعب رضي الله عنه اذهب وابحث عن الجرحى.

عندما فرضت الزكاة في السنة التاسعة الهجرية أرسل النبي صلى الله عليه وسلم عماله إلى مختلف أنحاء الجزيرة لجلب الصدقات، وجعل أبي بن كعب أحدهم.

في عهد سيدنا أبي بكر رضي الله عنه بدأ العمل على تدوين القرآن الكريم وترتيبه وعهدت هذه الخدمة إلى جماعة من الصحابة تحت رياسة أبي بن كعب رضي الله عنهم، فكان يقرأ عليهم كلمات القرآن الكريم فيكتبونها.

سَنَّ سيدُنا عمر رضي الله عنه في خلافته مئات الأمور المفيدة، ومنها إقامة مجلس الشورى. (فنظام  الشورى أقيم في عهد عمر رضي الله عنه) وكان هذا المجلس يضم كبار الأنصار والمهاجرين، وكان أُبي بن كعب يمثّل فيه الخزرجَ.

قال رجل يقال له جابر بن الزبير طلبتُ حاجة إلى عمر وإلى جنبه رجل أبيض الثياب والشعر، فقال الرجل: إن الدنيا فيها بلاغنا، وزادنا إلى الآخرة، وفيها أعمالنا التي نجزى بها في الآخرة. فقلت: مَن هذا يا أمير المؤمنين ؟ قال: هذا سيد المسلمين أبي بن كعب.

عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَيْلَةً فِي رَمَضَانَ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَإِذَا النَّاسُ أَوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلَاتِهِ الرَّهْطُ. فَقَالَ عُمَرُ إِنِّي أَرَى لَوْ جَمَعْتُ هَؤُلَاءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَمْثَلَ، ثُمَّ عَزَمَ، فَجَمَعَهُمْ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ. أي كانوا يصلّون النوافل بالليل.

كان أبي بن كعب رضي الله عنه من كبار الصحابة الذين سمعوا من النبي صلى الله عليه وسلم عددا كبيرا من أحاديثه.

وكان أُبي بن كعب رضي الله عنه يجيد استنباط المسائل الفقهية من القرآن الكريم، والحديث.

ذات مرة أراد سيدنا عمر t أن يمنع الناس من حج التمتع، فمنعه أبي بن كعب t. وبعد فترة أراد عمر t أن يمنع الناس من ارتداء الحلل من مدينة الحيرة فمنعه أبي بن كعب t أيضا.

لقد اختار عثمان بن عفان t اثنيْ عشر شخصا من قريش والأنصار لجمع القرآن الكريم، فكلّفهم عثمان بهذه المهمة وأمّر عليهم أُبي بن كعب. فكان أبي بن كعب يقرأ كلمات القرآن الكريم ويكتبها زيدٌ. إن نسخ القرآن الكريم المتوفرة حاليا تطابق قراءة أبي بن كعب t.

وعن أُبي بن كعب أنه كان يكمل قراءة القرآن الكريم في ثمانية أيام.

كان أبي بن كعب t يحب رسول الله r كثيرا حيث احتفظ بعد وفاة النبي r بالجذع  الذي كان r يستند إليه عندما كان يخطب من على المنبر. وظل يحتفظ به حتى بلي وأكلته الأرضة.

كان هناك ستة قضاة في أصحاب النبي r و منهم أبي بن كعب t.

يذكر حضرة أبي بن كعب t أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه إذا وجد أحد شيئا فليعلن عنه إلى عامين وإذا جاء أحد بعد ذلك يطالبه بذكر علاماته فليُعطه.

ذات مرة أعلن شخص في المسجد عن شيء كان قد فقده، فرآه أبي بن كعب وسخط عليه، وقال: إعلانك في المسجد بشيء دنيوي يخالف آداب المسجد. توفي في عهد عثمان t في عام 30 من الهجرة.