ملخص خطبة الجمعة 26/3/2021

استهل حضرته الخطبة بتلاوة:

] هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ[ (الجمعة 3-4)

وربط هذه الآية بيوم تأسيس الجماعة الأحمدية ٢٣. آذار وهو اليوم الذي أخذ المسيح الموعود عليه السلام أول بيعة.

وقدم حضرته بعض المقتبسات من كلام سيدنا المسيح الموعود u التي بيّن فيها الهدف من مجيئه، ونبوءات صدقه u من القرآن و الحديث. ثم المماثلة بين أتباعه والصحابة الكرام رضوان الله عليهم.

يقول المسيح الموعود u في شرح الآية التي استهل حضرته بها الخطبة “إن مغزى هذه الآية أن الله هو الذي أرسل رسولا في زمن كان الناس فيه ..قد ابتعدوا كثيرا عن الله وصراطه المستقيم، ففي هذا الزمن أرسل الله رسوله الأمي فزكّى ذلك الرسولُ نفوسَهم … أوصلهم إلى مرتبة اليقين الكامل بالآيات والمعجزات ونوّر قلوبهم بنور المعرفة الإلهية. ثم قال: ستظهر في الزمن الأخير فئة أخرى، وسيكونون هم أيضا في الظلام والضلال بادئ الأمر وبعيدِين عن العلم والحكمة، وسوف يصبغهم الله بصبغة الصحابة؛ أي سيُرَونَ كل ما رأى الصحابة، حتى يكون صدقُهم ويقينهم كصدق الصحابة ويقينِهم”.

يتابع المسيح الموعود u قائلا: “وقد جاء في الحديث الصحيح أن النبي r كان قد قال -واضعا يده على كتف سلمان الفارسي- عند تفسير هذه الآية “لو كان الإيمان معلقا بالثريا لناله رجل من فارس”. أي إذا ارتفع الإيمان إلى السماء فسوف يُعيده رجل فارسي الأصل. فالزمن الذي ورد بحقه أن القرآن سوف يُرفع فيه إلى السماء، هو زمن المسيح الموعود، وستكون المهمة العظيمة للمسيح الموعود تجديدَ الإيمان. وثابت من حديث “لو كان الإيمان…” المتعلق برجل من فارس، أن ذلك الرجل الفارسي سيأتي لإقامة الإيمان من جديد، فإذا كان زمن المسيح الموعود والرجل فارسيِّ الأصل واحدًا ومهمتهما واحدةٌ، أي استعادة الإيمان، فقد ثبت يقينا أن المسيح الموعود هو نفسُه الرجلُ الفارسي، وجماعتُه مصداق آية: ]وَآَخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ[. ومعنى هذه الآية أن الفائزين بالهداية والحكمة -بعد الضلال الكامل- ومشاهدي معجزات النبي r وبركاته فئتان فقط. أولاهما صحابة النبي r رضي الله عنهم، الذين كانوا قبل بعثة النبي r في ظلام دامس، وبعده حظُوا بزمن النبي r بفضل من الله وشاهدوا المعجزات بأم أعينهم ولاحظوا النبوءات، وأحدث اليقينُ في نفوسهم تغييرا كأنهم بقوا أرواحا فقط. أما الفئة الثانية المثيلة للصحابة بحسب الآية المذكورة آنفا فهي جماعة المسيح الموعود، لأن هذه الجماعة أيضا ستتمكن من مشاهدة معجزات النبي r كالصحابة، وتحظى بالهداية بعد الظلام والضلال.

فهذا ما حدث في هذه الأيام؛ حيث انفتح باب معجزات النبي r مرة أخرى بعد مضي ثلاثةَ عشرَ قرنا، وشاهد الناس بأم أعينهم حدوث الخسوف والكسوف في رمضان تحقيقا لحديث “الدارقطني” وفتاوى ابن حجر. أي قد انخسف القمر والشمس في رمضان، فقد انخسف القمر في أولى ليالي الخسوف كما كان قد ورد في الحديث، بينما انكسفت الشمس في وسط أيام كسوفها، وذلك في زمن وُجد فيه من يُعلن بأنه المهدي. وهذا الوضع لم يظهر قط منذ خلق السماوات والأرض. ثم طلع المذنّب أيضا الذي ورد أنه سيطلع في زمن المهدي والمسيح الموعود، وقد رأى الآلاف من الناس طلوعَه، كما شاهد مئات الألوف من الناس نشوب النار في جاوا، وكذلك قد شاهد الجميعُ بأم أعينهم تفشّي الطاعون والمنع من الحج. صُنْع القطار وتعطُّل العشار مثل ذلك لمن معجزات النبي r التي شوهدت في هذا الزمن، ولهذا السبب قد نادى الله I هذه الجماعة الأخيرة بكلمة ]مِنْهُمْ[ لكي يُشير إلى أنهم أمثال الصحابة في معاينة المعجزات.

….إن جماعتنا تشابه جماعةَ الصحابة y من نواح عديدة في هذا الزمن الذي خُلقت فيه. فهم يرون المعجزات والآيات كما رآها الصحابة، هم يكسبون النور واليقين نتيجة رؤيتهم آياتِ الله المتجددة وتأييده المتكرر، كما تمتَّع به الصحابة y. هم يتحمّلون في سبيل الله صدمة استهزاء الناس وضحكهم ولعْنهم وطعْنهم وأنواع الإيذاء، والبذاءة وقطْع الرحم كما تحمَّل الصحابة y. إنهم ينالون حياة طاهرة ببركة آيات الله البينات وتأييداته السماوية ومعرفةِ حكمةِ أحكامه كما نالها الصحابةُ، فكثير منهم يبكون في صلواتهم ويبلّلون مساجدهم بالدموع كما كان الصحابة رضي الله عنهم ييكون. وكثير منهم يروْن رؤى صادقة ويتشرفون بإلهام الله تعالى كما كان الصحابة رضي الله عنهم يتشرفون بها ۔وكثیر منهم ينفقون أموالَهم التي اكتسبوها بعرق جبينهم في سبيل هذه الجماعة ابتغاءَ وجه الله فقط، كما كان الصحابة رضي الله عنهم ينفقون. وستجدون كثيرا منهم يذكرون الموتَ، وتجدونهم حلماءَ القلوب ومتحلّين بالتقوى الصادقة كما كانت سيرة الصحابة رضي الله عنهم. إنهم حزب الله الذي يتولاهم بنفسه، ويطهّر قلوبهم يوما فيوما، ويملأ صدورهم بالحِكم الإيمانية، ويجذبهم إليه بالآيات السماوية، كما جذب الصحابةَ.

ثم يقول عليه السلام: إن هذا هو الزمن الذي أراد الله فيه أن يجعل الطوائف المختلفة أمة واحدة، ويقضي على هذه الخصومات الدينية ويجمع الجميع على دين واحد في نهاية المطاف.

ثم يقول عليه السلام:

حين أمرني الله تعالى بتبليغ الحق والإصلاحِ -بعد أن نظر إلى حالة العصر الراهن ووجد الأرض مليئة بأنواع الفسق والمعصية والضلالة وذلك حين كان الناس قد اجتازوا القرن الثالث عشر ووصلوا إلى رأس القرن الرابع عشر- بدأتُ أنادي بين الناس عامة، تنفيذا لذلك الأمر الإلهي، ثم كُشف علي صراحةً بالوحي الإلهي أن المسيح الذي كان موعودا لهذه الأمة منذ الأزل، وأن المهدي الأخير، ما هو إلا أنا.

إن الوحي الإلهي الذي نزل عليّ هو يقيني وقطعي لدرجة أنني قد وجدتُ من خلاله ربي. وكلما عرضتُ أي جزء منه على كلام الله “القرآنِ الكريمِ” وجدتُه منسجما معه تمامَ الانسجام، وقد نزلت الآيات السماوية تأييدا له كالمطر الغزير…. أقول حالفًا بالله بأنني من عنده I، وهو يعلم جيدا أني لست مفتريا ولا كذابا. ولكن إذا كنتم تكذِّبونني وتسمونني مفتريا مع حلفي بالله وبعد رؤيتكم لآيات الله التي أظهرها لصدقي؛ فأناشدكم بالله أن تأتوا بنظير لمفترٍ ينصره الله ويؤيده دائما مع أنه يكذب ويفتري عليه كل يوم.  (محاضرة لدهيانه)

….. فلو لم أكن من أمته r وما اقتديت به لما حظيتُ بشرف المكالمة والمخاطبة أبدًا، وإن كانت أعمالي مثل جبال الدنيا كلها. لأن النبوات كلها قد انقطعت ما عدا النبوة المحمدية. لا يمكن أن يأتي نبي بشرع جديد، ولكن يمكن أن يأتي نبي بغير شرع جديد ولكن بشرط أن يكون من الأُمة أولا. فبناءً على ذلك أنا من الأُمة ونبي أيضًا. وإن نبوتي، أعني المكالمة والمخاطبة الإلهية، ظِلٌّ لنبوة النبي r، وليست أكثر من ذلك. (التجليات الإلهية)

وعن سبب بعثته قال u: أما المهمة التي بعثني الله من أجلها؛ فهي أن أزيل الكدر الحاصل في العلاقة بين الله وخَلْقه، وأرسي بينهما صلة المحبة والإخلاص ثانيةً؛ وأن ألغي الحروب الدينية بإظهار الحق مُرسِيًا دعائم الصلح، وأكشف الحقائق الدينية التي اختفت عن أعين الناس، وأقدم نموذجا للروحانية التي صارت مدفونة تحت ظلمات النفوس، وأكشف -بالحال لا بالقال فقط- تلك القوى الربانية التي تسري في الإنسان ثم تتجلى فيه نتيجة إقباله على الله تعالى أو نتيجة التركيز والدعاء. وفوق كل ذلك، أن أغرس في القوم من جديد؛ غراسًا خالدًا للتوحيدِ الخالص النقي اللامع الخالي من أية شائبة من شوائب الشرك. ولكن لن يحدث كل ذلك بقوتي أنا، بل بقدرة الله؛ فهو رب السماء والأرض.

 

ندعو الله تعالى ليفهم العالم كله ولا سيما المسلمون هذه الحقيقة ودعاوى المسيح الموعود u وأن يبايعوا هذا المسيح المهدي الذي بعثه الله تعالى في الدنيا لنشأة الإسلام الثانية، وأن يوفقنا أيضا لنؤدي حق بيعتنا.

 

ثم أكد حضرته على ضرورة الدعاء للأحمديين في باكستان وفي الجزائر لأن الظروف هناك تسوء.