ملخص خطبة عيد الفطر 24/5/2020م

وضح حضرته أن العيد اسم للفرحة، ولا يفرح الإنسان إلا إذا حقق نجاحا، أما إذ فشل فيبكي، فعلى كل واحد منا أن يفكر هل أحرز النجاح حقيقةً، وهل استحق بهذا النجاح أن يحتفل بالعيد؟

لقد جعل الله تعالى هذا العيد بعد الصيام لكي يبشرنا أن صيامنا قد صار مقبولا. لذا فعلينا أن نتفحص ما إذا كان صيامنا قد صار مقبولا في الحقيقة أم لا؟ وما إذا كان الله تعالى قد وفقنا لعبادته حقًا أم لا؟ وهل عبادتنا نالت القبول حقا.

لقد أمر الله تعالى بأداء حقوق العباد بوجه خاص في شهر رمضان إلى جانب أداء حقوق الله تعالى. وإن لم نؤدها فكيف يُقبل صيامنا؟ قد يرفع الله الصوم عن بعض الناس لعذر ما، ولكن إذا قاموا بأداء بقية الفرائض والنوافل فلن يحرمهم الله تعالى من جزاء الصوم وإن كانوا لا يصومون. فهؤلاء الناس أيضا يحتفلون بالعيد ملتزمين بخشية الله، والله تعالى ينظر إلى قلوبهم ويكتب في سجل أعمالهم أفراح العيد الحقيقي.

الأعياد ثلاثة أنواع عادة.

ثم وضح حضرته أيده الله تعالى بنصره العزيز حسب بيان قدمه حضرة المصلح الموعود أن العيد العيد ثلاث أنواع:

الأول هو عيد شخص سعى جاهدا لوصال الله تعالى وعبده بإخلاص وخدم عباده للفوز برضاه I، وتصالح مع الله وعباده بنقاء القلب، والتزم بالصلاة لوجه الله فقط، وصام لوجه الله، وذكر الله تعالى لوجهه الكريم I وتصدّق وأنفق على الناس للفوز برضاه U، وقام بالحج، ليرضى به الله، وقام بتبليغ الدعوة عملا بأمر الله تعالى. فمن يفعل كل ذلك يصل إلى الله تعالى وكذلك يجد الله تعالى عبده المفقود هذا وينتهي الفراق والبُعد ويتم لـمُّ شمل الاثنين بعد الفراق ويجلس المحب في مجلس حبيبه.

ولكن ليس ضروريا أن يكون مثل هذا العيد لهؤلاء الفقراء والمساكين فقط بل هو لمن نال رضى الله تعالى من المقربين أيضا الذين أنعم الله تعالى عليهم بنعم الدنيا، فإنهم إضافة إلى استفاضتهم بما أعطاهم الله تعالى من نعمِه يؤدون حقوق عباده للحصول على رضاه تعالى.

فليس أكل الطعام الطيب وحده دليلاً على حب أحد لله تعالى، ولا تحمل الجوع والفاقة علامة قربه من الله تعالى. فالطريق الصحيح هو ما يرضى به الله. فإذا أراد الله I أن يهب قربه لأحد بالجوع فتحمُّل الجوع هو البر الحقيقي، وإذا أراد أن يُطعمه فتناوُل الطعام هو ما يُكسبه رضوان الله.

أما عيد النوع الثاني من الناس الذين ينسون الله وحقوقه وحقوق مخلوقه ويحتفلون بأفراحهم الشخصية فقط أو أفراح أقاربهم، وبذلك يحتفلون بالعيد، إلا أنهم لا يفوزون بالعيد في الحقيقة، فهم يشترون سخط الله وعتابه وعيدهم لا يعد عيدا حقيقيا.

 

النوع الثالث فهؤلاء يعرفون أنهم مذنبون، ويحسبون في قرارة نفوسهم أنهم صاموا وفي الوقت نفسه يكنّون في نفوسهم خجلا أنهم لم يؤدوا حق الصيام. وهم يصلُّون أيضا لكنهم يخجلون في نفوسهم أنهم لم يستطيعوا أداء الصلاة بحسب الشروط التي وضعها الله I. وكل واحد من أصحاب هذا الصنف يظن أنه ربما اليوم أيضا جاء إلى المجلس تقليدا وارتدى لباسا فاخرا ليري الناس ذلك وأنه يتناول طعاما شهيا أيضا لكن قلبه يبكي ودماغه يضطرب. فيتوب ويُنيب إلى الله ويشعر بالندم، وحين يُقلقه ندمه يأتيه اللهُ تعالى مهرولا. وقال النبي r: لَلّٰهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ رَجُلٍ يكون في الفلاة وَمَعَهُ رَاحِلَتُهُ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ ثُمَّ يجد رَاحِلَتهُ فجأة، فلن يكون لفرحته منتهى.

 

فإننا يجب أن نسعى لنكون من الذين سُعدوا بلقاء الله تعالى، أو نكون على الأقل من الذين لم يصلوا إلى الله تعالى ولكنهم يخرون هنالك على عتباته وانشقت قلوبهم ندما وقلقا وأهلكوا أنفسهم بالهمِّ والغمِّ لدرجة أنِ اهتزّ منه عرش الله تعالى، وجاء إليهم صاحبُ العرش بنفسه وأجلسهم مقام الحب.

لذا يجب أن ندعو ونسعى دوما ليتيسر لنا العيد من النوع الأول أو من النوع الثالث، ومثل هذا العيد يعطينا السعادة الحقيقية، بل يجب أن نسعى لنُفهم حقيقةَ العيد للذين يحسبون عيد القسم الثاني عيدا حقيقيا. ونبلّغ العالم هذه سالرسالة الصادقة التي أحرزناها من الخادم الصادق للنبي r في هذا الزمن. ونعلّم البشرية المعنى الحقيقي لحقوق الله وحقوق العباد، لكي تزول عن الدنيا غيوم الظلام وتُنوِّر الدنيا شمسُ الهدى بأشعتها النورانية، ولتقوم عبادة الله الحقيقية في الدنيا، حينها ستكون أعيادنا أعيادا حقيقية. وفقنا الله تعالى لنرى هذا العيد أيضا.

ادعو الله تعالى لجميع الأحمديين الذين يُضطهدون باسم الدين ويتحملون مصائب السجن والحبس، وادعو لفك أسر هؤلاء الأسرى لكي يتمكنوا من الاحتفال بالعيد بحرية. كذلك ادعوا كثيرا للأمة المسلمة ولأمن العالم كله، وكما قلت في الماضي أيضا أن قادة العالم يدفعون العالم إلى هوة الهلاك من أجل تسكين أنفسهم العارض، وبدلا من أن يتوجهوا إلى الله تعالى بسبب هذا الوباء يُثيرون غضبه أكثر بسبب تصرفاتهم. فثمة حاجة لدعوة الدنيا إلى الله تعالى بالإضافة إلى الإكثار من الأدعية. ولا بد أن يتذكر كل أحمدي واجبه هذا دوما ويسعى لأدائه. وفقنا الله تعالى لذلك. (آمين)

*****