بسم الله الرحمن الرحيم
الرد على الاعتراض المتعلق بنبوءة الدكتور عبد الحكيم البتيالوي
الكشف عن تدليس خطير للمعترضين

في بدايات عام 1865 تقريبا حين بدأ الله سبحانه وتعالى سلسلة الإلهامات على سيدنا المسيح الموعود عليه السلام خاطبه قائلا: “ثمانين حولاً، أو قريبًا من ذلك، أو تزيد عليه سنينا، وترى نسلا بعيدا” أي: ستُعمَّر ثمانين عامًا أو أقلّ أو أكثر بقليل، وستعيش بحيث ترى نسلاً بعيدًا.
فلما كان الله سبحانه وتعالى يعلم أن الأعداء سيتمنَّون موته، ليقولوا إنه كان كاذبا لذا قد مات عاجلا، وأنه ستُنسج المؤامرات لقتله وسيتمنى الأعداء أن لا يستمر نسلُه، لذلك فقد أنجز الله هذا الوعد بكل قوة رغم محاولات وأماني الأعداء البائسة.

وفي ديسمبر عام 1905 كتب حضرته عليه السلام كتيب الوصية وسجل فيه إلهاماتٍ واضحةً عن قرب وفاته، وظل يذكر إلهاماته وكشوفه عن وفاته بعد ذلك أيضا في عدة مناسبات، فمثلا كتب حضرته في كتيب الوصية في ديسمبر 1905:

(1) قد أخبرني الله سبحانه وتعالى بوحيه المتواتر أنّ موعد وفاتي قد دنا.
ثم عن وفاته سجل إلهامات:
(أ) “قَرُبَ أجلُك المقدّر.. قَلَّ ميعادُ ربّك.
(ب) “قلّتْ أيامُ حياتك. يومئذ يستولي الحزن على الجميع. سوف يحدث كذا وكذا ثم تقع حادثتك. بعد وقوع جميع الحوادث وإراءة عجائب القدرة سيقع حادث وفاتك.” (الوصية صفحة 3، 4 الخزائن الروحانية مجلد 20 صفحة 302، 301)
في 1905 أخبره الله في رؤيا عن عمره المتبقي فكتب حضرته عن ذلك:
(2) “آتاني شخص ماءً باردًا من البئر في دلو جديد، ثم تلقيت الوحي التالي: “آبِ زندگی” أي: ماء الحياة.” (ريفيو آف ريليجنـز ديسمبر 1905 صفحة 480)
ثم في 19/12/1907 تلقى إلهاما:
(3) “ستائیس کو ایک واقعہ(ہمارے متعلق)۔” أي: حادث في السابع والعشرين (بشأننا). “اللهُ خيرٌ وأبقى.” (جريدة بدر بتاريخ 19/12/1907 صفحة 4، التذكرة صفحة 630)
(6) في 9/5/1908 تلقَّى إلهاما في لاهور أثناء سفره الأخير: “الرحيلُ، ثم الرحيلُ” (جريدة بدر بتاريخ 26/5/1908 صفحة 7)
ثم في لاهور تلقى إلهاما في 17/5/1908:
(7) مكن تكيه بر عمرِ ناپائيدار۔” أي: لا تَثِقْ بالحياة الفانية.
ثم في لاهور تلقى إلهاما في 20/5/1908
(8) “الرحيلُ ثم الرحيلُ، والموتُ قريبٌ.” (جريدة بدر بتاريخ 2/6/1908 صفحة 3)

لقد حاول المعارضون استغلال أنباء حضرته عليه السلام عن قرب موعد وفاته، فعند صدور الإلهامات الابتدائية (أي نبوءتان المذكورتان برقم 1، 2) بدأ أحد المعارضين وهو الدكتور عبد الحكيم البتيالوي نشْرَ إلهاماته عن وفاة سيدنا المسيح الموعود عليه السلام حسب تقديره وتخمينه. فقد كتب أولا في 12/7/1906: “المرزا مسرف وكذاب ومخادع، سيفنى الشرير أمام الصادق، وأُخبرت أن ميعاده ثلاث سنوات.” (“كانا دجال” أي الدجال الأعور صفحة 50، إعلان الحق وإتمام الحجة وتكملة صفحة 43 تأليف الدكتور عبد الحكيم البتيالوي)

انتظر البتيالوي سنة تقريبًا متشبثًا بنبوءته الأولى، ثم ألغاها في 1/7/1907 وقدّم نبوءة جديدة فكتب عن المسيح الموعود عليه السلام:
عقابا على تجاسراته ومعاصيه قد انتقص الله عشرة أشهر و11 يوما من ميعاد وفاته “ثلاث سنوات” -الذي كان سينتهي في 11/7/1909- وقال تعالى لي في الإلهام في 1/7/1907: “سيُلقى المرزا في الهاوية إلى أربعة عشر شهرا من اليوم بعقوبة الموت.” (كتيب إعلان الحق وإتمام الحجة وتكملة صفحة 6 تأليف الدكتور عبد الحكيم) أي أن نبوءته عن وفاة حضرته في ثلاث سنوات كانت ستنتهي في 11/7/1909، ولكن بعد إلهامه الجديد قال بأن حضرته سيموت حتى 31/8/1908.

لا شك أن إلهامات سيدنا المسيح الموعود عليه السلام كانت توحي بأن وفاته قريبة، وكان قد بلغ الحد الأدنى لعمره الطويل بحسب نبوءته، وإن نبوءة الدكتور عبد الحكيم بوفاته في مثل هذا الوقت كان أمرا سخيفا، إلا أن الله الذي يخيِّب أعداءه وأعداء أنبيائه قد بشَّر المسيح الموعود عليه السلام مقابل هذه النبوة أنه سيطيل عمره عليه السلام، فقد نشر عليه السلام إعلانا في 5/11/1907 بعنوان “تبصرة”، وكتب فيه بأنه تلقى من الله تعالى بشارة تقول:

سأطيل عمرك أيضا، أي سأُثبت كذب العدو الذي يقول بأنه لم يبق من عمرك إلا 14 شهرا بدءا من يوليو/تموز 1907م، وكذلك ما يتنبأ به الأعداء الآخرون سأُثبت كذبهم جميعا، وسأطيل عمرك ليتبين أني أنا الله وأن كل أمر بيدي“. (مجموعة الإعلانات مجلد 2 صفحة 720)

لعل هذا الإعلان من حضرته أدخل في قلب البتيالوي هيبة وقلقًا لأن هذا الإعلان كان يقرر بصورة واضحة بأن حياة حضرته عليه السلام وإن كانت قد انتهت إلا أن الله تعالى بسبب قول هؤلاء المعارضين سيطيل في عمره ويكذب الأعداء.
ولو بقي البتيالوي ثابتًا على نبوءته هذه لرأى تحقق نبوءة المسيح الموعود عليه السلام المتعلقة بإطالة عمره، ولكن لم يلبث عبد الحكيم أن ألغى مرة أخرى نبوءته وأرسل إلى معارض الأحمدية الشهير المولوي ثناء الله الأمرتسري في 8/5/1908 رسالةً سجل فيها إلهامَيه الجديدَين والتمس منه نشرهما في جريدته “أهل حديث” فقال:

الرجاء نشر إلهاميَّ عن مرزا القادياني وهما:
1- سيهلك مرزا في 21 ساون 1965 (4/8/1908) بعد إصابته بمرض مهلك.
2- ستموت سيدة عظيمة من عائلة المرزا. (جريدة أهل حديث 15/5/1908)

عبد الحكيم البتيالوي

وكذلك كتب عبد الحكيم في رسالته إلى محرر جريدة “بَيسه” أن تنشر إلهاميه الجديدين، فنشرتْ جريدة بيسه هذه الرسالة كاملة بعنوان “إلهامان جديدان”، والرسالة:

إلهامان جديدان
سيدي المحترم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الرجاء إكرامي بنشر إلهاميَّ الجديدين- عن مرزا غلام أحمد- في جريدتك:
1- سيهلك مرزا في 21 ساون 1965 (4/8/1908) بإصابته بمرض مهلك.
2- ستموت سيدة عظيمة من عائلة المرزا. (جريدة أهل حديث 15/5/1908)
والسلام
العبد المتواضع عبد الحكيم خان، ايم بي
بتياله 8/5/1908(جريدة بيسه أخبار اليومية 15/5/1908 صفحة 4)

عبد الحكيم البتيالوي

وبنشره هذين الإلهامين الجديدين في الجريدتين قد ألغى البتيالوي نبوءته السابقة وحدد يوم 4/8/1908 لوفاة المسيح الموعود عليه السلام، فلم تكن هناك حاجة لإطالة عمر المسيح الموعود عليه السلام وإنما يكفي لتكذيب البتالوي أن يتوفى حضرته في تاريخ آخر، فتوفي حضرته في 26/5/1908 ولاقى ربه سبحانه وتعالى. وبذلك أثبت الله تعالى كذْبَ المعارض البتيالوي الذي تخلّى عن مدة 14 أشهر وسارع إلى تحديد تاريخ وفاة حضرته عليه السلام، فتوفَّاه عليه السلام في 26/5/1908 على عكس التاريخ المحدد من قِبل هذا المعارض.
لو ظل المعارض البتيالوي متمسكا بنبوءته بموعد وفاته حضرته خلال أربعةَ عشرَ شهرا، لأطال الله ذلك الإلهُ الصادقُ الوعدِ عمرَه عليه السلام بحسب وعده: “إني سأطيل عمرك“، ولأثبتَ كذْبَ البتيالوي، لكن لما كان البتيالوي بنفسه قد نسخ نبوءته بأربعة عشر شهرا وحدد تاريخ وفاة حضرته عليه السلام فلم تبق حاجة لإطالة العمر. فإذا فات الشرط فات المشروط، لأنه بوفاة حضرته في أي يوم آخر غير المحدّد من قبل البتيالوي يثبت كذبه.
ومما يؤكد أن عبد الحكيم تمسك بوفاة المسيح الموعود في يوم 4- 8-1908 على وجه التحديد هو تعليق ثناء الله الأمرتسري ونقده لنبوءة عبد الحكيم بما يلي:
لا نستطيع الامتناع عن قول الحق، أعني لو اكتفى الدكتور (عبد الحكيم) المحترم بهذا، أي لو لم يحدد تاريخ موت المرزا بعد نبوءته بأربعة عشر شهرا، كما فعل -إذ قد نُشر إلهامان له في الصفحة 7 من جريدة أهل الحديث بتاريخ 15 مايو بأن الميرزا سيهلك في 21 ساون 1965 (4/8/1908)- لما أثيرَ اليوم الاعتراضُ اللاذع الذي أثاره المحرر المحترم لجريدة “بيسه” على هذا الإلهام للدكتور المحترم. أي لو كتب الدكتور “حتى 21 ساون” بدلا من “في 21 ساون” لكان أفضل. باختصار لو ترك النبوءة السابقة بثلاث سنوات، ونبوءة أربعة عشر شهرا على إجمالهما، وما حدد التاريخ في الميعاد لما وقع عليه هذا الاعتراض.” (أهل الحديث 12/6/1908 صفحة 7) ( انظر صورة جريدة “أهل الحديث” حيث تعليق ثناء الله الأمرتسري)

عبد الحكيم البتيالويوهكذا، فقد ثبت أن نبوءة عبد الحكيم البتيالوي قد بطلت، وأنه قد ثبت كذبه، فلم يُتوفَّ المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام في الموعد الأخير المحدد الذي ضربه عبد الحكيم بحمق وكذب وأصرَّ عليه، وهذا بشهادة اثنين من خصوم الجماعة وهما محررا جريدتي أهل الحديث و “بيسه أخبار”.

أخيرا: يقال أن بطلان نبوءة عبد الحكيم هذه أيضا لا يحل المشكلة، لأنه قد جاء في وحي المسيح الموعود أن الله قال له: “سأطيل عمرك“، ولكن ما حصل هو أنه قد قصَّر عمره ولم يطله، بغضِّ النظر عن نبوءة الدكتور عبد الحكيم البتيالوي.

الجواب:

لقد نشر المسيح الموعود عليه السلام إعلانا في 5/11/1907 بعنوان “تبصرة”، وكتب فيه:

سأطيل عمرك أيضا، أي سأُثبت كذب العدو الذي يقول بأنه لم يبق من عمرك إلا 14 شهرا بدءا من يوليو/تموز 1907م وكذلك ما يتنبأ به الأعداء الآخرون، سأُثبت كذبهم جميعا وسأطيل عمرك ليتبين أني أنا الله وأن كل أمر بيدي“. (مجموعة الإعلانات مجلد 2 صفحة 720)

نبوءة عبد الحكيم الأولى كانت لا تحدد يوما للوفاة بل تذكر مدة تمتد إلى 14 شهرا، ولو توفي حضرته عليه السلام في أي يوم في تلك المدة فيما لو بقي عبد الحكيم متمسكا بهذه النبوءة، فهذا يعني أنها ستكون قد تحققت، لذلك قال الله تعالى أنه سيطيل عمر حضرته ولا يَدَعه يموت في هذه المدة، لكي يثبت الله كذب عبد الحكيم والآخرين فيما لو تمسك بهذه النبوءة. وهذا الوحي إنما جاء ردا على نبوءة البتيالوي حصرا، وليس وحيا عاما ونبوءة بإطالة العمر دون شروط كما يتضح من المقتبس أعلاه. وقد نسخ عبد الحكيم نبوءته بنفسه وحدد موعدا محددا لوفاة حضرته وهو 4/8/1908 وليس مدة تنتهي في ذلك التاريخ كما كانت النبوءة الأولى، لذلك لم يعد لإطالة العمر علاقة بثبوت كذب النبوءة الثانية، وأصبح كافيا لإثبات بطلان النبوءة الثانية وكذب عبد الحكيم أن يموت حضرته في موعد آخر قبل ذلك الموعد أو بعده، وهذا ما حدث، وهذا ما أكده أشد خصوم الجماعة وشهدوا به كما ذكرنا آنفًا.

فهذه النبوءة إنما هي نبوءة وعيد تعهَّد الله فيها أن يخزي الأعداء ويثبت كذبهم، فلما تراجع عبد الحكيم عن النبوءة الأولى لم يبق هناك حاجة لتحقق ما ورد في وحي الله تعالى. وإلا فهل يمكن أن يعترض أحد ويقول لماذا لم تنـزل على قريش صاعقة كمثل صاعقة عاد وثمود رغم أن القرآن الكريم قد أنذرهم بها، إذ قال تعالى: {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} (فصلت 14)؟!

فبما أن قريشا لم تُعرض في نهاية المطاف وآمنت فزالت نبوءة الوعيد هذه تماما، وهذا لا يعني بطلان كلام الله، إذ إن كل وعيد وكل نبوءةٍ مرتبطةٍ بعمل للخصوم أو الأعداء تزول بزوال العمل الذي أنذروا بها بسببه.
أما القول بأن الله تعالى قد قصَّر عمره ولم يطله، فهذا ناتج عن الخطأ في فهم النبوءة والخلط بين شقيها؛ فالنبوءة لها شِقَّان: الأول هو إطالة العمر بما يتجاوز الفترة المحددة بناء على نبوءة عبد الحكيم الأولى، وبهذا يثبت كذبه.

والثاني إثبات كذب الأعداء على كل حال سواء بقيت النبوءة الأولى أم تراجع عنها صاحبها. فعندما تراجع عنها صاحبها، وقدَّم النبوءة الجديدة التي تتضمن يوما محددا للوفاة وهو 4/8/1908 فأصبح مجرد وفاة حضرته في موعد آخر سابق أو لاحق إبطالا لها وإثباتا لكذبها، ولم يعد لازما أن يتجاوز ذلك اليوم لإثبات كذبها.

ولا يجوز القول إن الله تعالى قد قصَّر عمره نظرا إلى التاريخ الذي حدده عبد الحكيم في نبوءته الثانية، لأن هذا التاريخ المحدد لم ينبئ حضرته به بنفسه ثم مات بعده، بل كان لغوا من عبد الحكيم. وكما قلنا فإن الله تعالى أراد إثبات كذب نبوءات عبد الحكيم وأمثاله ومن يستند إليه، وهذا هو مغزى النبوءة، وهذا ما تحقق بجلاء.

والحق أن المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام قد تنبأ بإطالة العمر مرارا من خلال النبوءات التي تلقاها حضرته على فترات متباعدة، ومنها ما كان قبل 40 عاما من وفاته، وقد تضمَّنت أن عمره سيكون حوالي الثمانين أو أقل منه قليلا أو أكثر قليلا مع تفاصيل أخرى، بل قد أنبأ مسبقا بأن الله تعالى قد وعده بالعصمة من القتل وأنه سيتوفى وفاة طبيعية عندما يحقق الهدف من بعثته ويبلغ رسالته.


منقول من موقع الجماعة الرسمي