اعتراض بنكهة الإلحاد 3

المعترض: عذاب صحابة المرزا غلام أحمد قبل وفاتهم

عاقبة شاهدي الزور المروّجين للمفترين العاجزين عن الشهادة بالحقّ

1: حكاية لحظات عبد الكريم الأخيرة، الرجل الأول في حياة الميرزا، الذي توفي في السابعة والأربعين من عمره.

يقول بشير أحمد: حدثتني أرملة المولوي عبد الكريم وقالت: عندما مرض المولوي عبد الكريم واشتد مرضه كان يقول عند تفاقم الآلام في حالة تشبه الغيبوبة أعدّوا لي المركب لأنني سأذهب للقاء الميرزا، فكان يظن أنه في مكان خارج قاديان، أما الميرزا ففي قاديان. وأحيانًا كان يتكلم بهذا الموضوع وينفجر بكاء ويقول: منذ أيام كثيرة لم أر وجه حضرته، لماذا لا تأخذونني إليه، جهّزوا المركب الآن وخذوني إليه حالا. وكان في كامل وعيه يومًا فقال: اذهبي إلى حضرته وقولي له: إنني على مشارف الموت، فأرجو أن يتيح لي رؤية وجهه ولو عن بعد، وبكى كثيرًا وأصرّ عليّ وقال لي: اذهبي الآن. فنـزلت من الطابق العلوي وأتيت الميرزا وقلت له: سيدي، هكذا يقول المولوي عبد الكريم. فقال حضرته: هل ترون أنني لا أحب أن أرى المولوي صاحب؟ كلا، ولكن الحقيقة هي أنني لا أقوى على رؤية حالته المؤلمة.

قالت لي أرملة المولوي عبد الكريم: كانت والدتك هناك فقالت للميرزا: إذا كان هو يتشوق لزيارتكم إلى هذه الدرجة فاذهب إليه لبعض الوقت. فقال الميرزا: طيب سأذهب ولكنني سأتعرض لنوبة عند رؤية آلامه. على أية حال، طلب الميرزا العمامة ولفها على رأسه ولما توجه إلى المولوي عبد الكريم هرولت وتدرّجت الدرج قبله لأخبر المولوي عبد الكريم أن الميرزا قادم إليه. فلما أخبرتُه لامَني وقال لماذا أتعبتِ حضرته؟ هل تظنين أنني لا أعرف لماذا لا يزورني حضرته؟ قلت: لقد قلتَ لي بنفسك أن أذهب إليه. قال: كان ذلك صرخة ألم تصاعدتْ من قلبي. ولكن اذهبي إليه فورًا وقولي له ألا يُتعب نفسه. فهرولت مرة أخرى فوجدت حضرته قرب الدرج مستعدًا للصعود، فقلت له ألا يرهق نفسه.

أقول (بشير أحمد): كان الميرزا يكنّ للمولوي عبد الكريم حبًّا كبيرًا، وبمقتضى هذا الحب لم يكن يقدر على رؤية حالته المؤلمة، فكان كثيرا ما يقول في المسجد: يلتاع قلبي لأزور المولوي عبد الكريم إلا أنني لا أقوى على رؤية آلامه. وأخيرًا توفي المولوي عبد الكريم بهذا المرض دون أن يستطيع الميرزا زيارتَه، بل غيّر الميرزا غرفتَه أيضا خلال مرض المولوي عبد الكريم لأنها كانت تحت بيت المولوي عبد الكريم تمامًا فكانت تصله أصوات تأوّهه الذي كان يثير قلقَه واضطرابَه. كان المولوي عبد الكريم مصابًا بالسرطان وكان جسده قد شُرّح تشريحًا لكثرة تعرضه للعمليات الطبية مما كان يسبب له آلامًا حادّة فكان يتأوه مضطربًا. (سيرة المهدي، رواية 301)

هذا هو عبد الكريم الذي دعا له الميرزا مرارا بالشفاء، والذي زعم أنه سيُشفى، ثم بعد وفاته بسنتين زعم أنه كان قد تلقى وحيا أنه لن يُشفى، وقد أثبتنا فيما مضى أنّ عكس ذلك هو الصحيح.

نقول هذا ليعتبر المدافعون عن الكذب هذه الأيام ويتّعظوا.

2: عذاب المولوي نور الدين سنوات طويلة عبرة أخرى بعد عبرة عبد الكريم

نور الدين أهم أتباع الميرزا بعد عبد الكريم أو يمكن أن يكون قبله.

في 18 نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 1910م وقع عن صهوة حصانه فأصيب بجروح بالغة في جبهته وصدغه. حيث كان الحصان سريعا وجامحًا فدخل في طريق ضيق وعند نقطة معينة جَفَل فجأة مما تسبب في قذف نور الدين عن ظهره فأصيب بجروح في جبهته… وكانت قدمه قد علقت بالرِكاب فتهادى إلى تلك الناحية.. فخرجت قدمه من الركاب وارتطم بحجر في الطريق فأصيب في صدغه بجرح بليغ تحول إلى نُدبة دائمة واستمر حتى وفاته.

ومن العجيب جدًّا أن الطريق الذي مرّ منه على حصانه لم يكن فيه غير حجر واحد، وكان ذلك في المكان الذي وقع فيه، فلو وقع إلى أحد جانبَي مكان الحجر لما أصيب بالصدمة القوية التي حصلت بسبب سقوطه على الحجر بالضبط، وهذا يدل على أن ذلك كان مقدرا من الله تعالى… حيث جفل حصانه مما تسبب في سقوطه عن ظهره، فأصيب بجروح أحدها بليغ وأصيب به أحد حاجبيه.. (حياة نور)

إذن، ظلّ نور الدين يتعذّب حتى عام 1914، وخلال ذلك كان يرى أتباعه والحقدُ يملأ قلوبهم على بعضهم، والغلّ يغلي في صدورهم، والاتهامات المتبادلة بينهم تشيب لها الولدان. وهكذا فارق الحياة بآلام مبرحة مادية ومعنوية.

الرد: البلايا والأمراض للبشر كافة نبيين وصالحين وغيرهم من القرآن الكريم

لقد تناولنا موضوع استجابة الله تعالى الخارقة لدعاء المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام في منشور سابق بعنوان “دعاء المسيح الموعود ﷺ” ، وقدّمنا عدداً من الأمثلة على ذلك من حياة النبيين والصالحين. وكذلك بَيَنّا في المنشور السابق مسألة مرض النبيين والصالحين. وسوف تناول الآن هذه الجزئية بعدد آخر من الأمثلة. ولنبدأ بأصل المسألة وهي البلايا والأمراض للبشر كافة نبيين وصالحين وغيرهم من القرآن الكريم، حيث يقول تعالى:

﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ* أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ قرآن كريم

﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾ قرآن كريم

وتشمل المصائبُ الأمراضَ والأوجاع والهموم وغيرها التي تمحو الذنوب وترفع الدرجات، كما في الحديث الصحيح:

عَنْ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: “مَا مِنْ شَيْءٍ يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ فِي جَسَدِهِ يُؤْذِيهِ إِلَّا كَفَّرَ عَنْهُ مِنْ سَيِّئَاتِهِ.” (أخرجه الحاكم في المستدرك 1325 وقال: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ.)

وعن أبي بردة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال:

’’كنت عند معاوية وطبيب يعالج قرحةً في ظهره وهو يتضرر فقلت له: لو بعض شبابنا فعل هذا لعِبنا ذلك عليه، فقال: ما يسرني أني لا أجده سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: ما من مسلم يصيبه أذى من جسده إلا كان كفارة لخطاياه.‘‘ (مسند ابن أبي الدنيا، صححه الألباني وقال: حسن صحيح في “الترغيب” 3412.)

وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وعن عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ وَلَا هَمٍّ وَلَا حُزْنٍ وَلَا أَذًى وَلَا غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ» ( أخرجه البخاري، كتاب المرضى، باب ما جاء في كفارة المرضى 5/2137 برقم 5318. ومسلم، كتاب الزهد والرقائق، باب المؤمن أمره كله خير 4/2295 برقم 2572. والبيهقي في “شعب الإيمان” برقم 9828 .. كلهم عن عائشة مرفوعاً. كما أخرجه ابن حبان في صحيحه برقم 2905 وأحمد في المسند برقم 8014 والبيهقي في سننه الكبرى برقم 6329 وأبو يعلى في مسنده برقم 1237.. كلهم عن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما مرفوعاً.)

الأنبياء أشد الناس تعرضا للبلاء

وقد ورد أن الأنبياء هم أشد الناس تعرضاً للبلايا والأمراض وذلك يتناسب مع قوة دينهم وإيمانهم، فكلما قوي دين العبد زاد مرضه وألمه كما في الحديث التالي:

وعَنْ سَعْد بن أبي وقاص رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاءً ؟ قَالَ: الأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ، فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلاؤُهُ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَمَا يَبْرَحُ الْبَلاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ.” (رواه الترمذي 2398. صححه الألباني في السلسلة الصحيحة 143.)

وكذلك أخرجَ البخاري حديثاً فقال:

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ  عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُوعَكُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا، قَالَ: أَجَلْ إِنِّي أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ رَجُلَانِ مِنْكُمْ”، قُلْتُ: ذَلِكَ أَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ.” (صحيح البخاري، المرضى، بَاب أَشَدُّ النَّاسِ بَلَاءً الْأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَل 5324.)

عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم، فمسسته؛ فقلتُ : يا رسول الله، إنك تُوعَك وَعْكا شديداً- مثل النار يده- فقال : أجل ، إني أُوعَك كما يُوعَكُ رجلان منكم، قلتُ: ذلك بأن لك أجْرين؟ قال: ‘ أجل، ما مِنْ مسلم يُصيبه أذى -من مَرَض فما سواه- إلا حَطَّ الله به سَيِّئاته كما تَحُطُّ الشجرةُ ورقَها.” (أخرجه البخاري ومسلم عن ابن مسعود)

وجاء في الحديث القدسي:

وعزتي وجلالي لا أقبض عبدي المؤمن وأنا أحب أن أرحمه، إلا ابتليته بكل سيئة كان عملها سقماً في جسده، أو اقتاراً في رزقه، أو مصيبة في ماله أو ولده، حتى أبلغ منه مثل الذر، فإذا بقي عليه شيء شددت عليه سكرات الموت حتى يلقاني كيوم ولدته أمه.” (ورد في الأثر)

وهذا لن يسلم منه أحد، كما قال ابن القيم رحمه الله:

الناس كلهم مصابون. لا تظن أن أحدا بمعزل عن المصائب. الناس كلهم مصابون إما بفوات محبوب أو بحصول مكروه.” (زاد المعاد)

وقال ابن القيم أيضاً:

والمصائب التي تحل بالعبد، وليس له حيلة في دفعها، كموت من يعزُّ عليه، وسرقة ماله، ومرضه، ونحو ذلك.” (عدة الصابرين” لابن القيم ص 81.)

وكذلك:

وإذا تأملت حكمته سبحانه فيما ابتلى به عباده وصفوته بما ساقهم به إلى أجلِّ الغايات وأكمل النهايات التي لم يكونوا يعبرون إليها إلا على جسر من الابتلاء والامتحان … وكان ذلك الابتلاء والامتحان عين الكرامة في حقهم، فصورته صورة ابتلاء وامتحان، وباطنه فيه الرحمة والنعمة، فكم لله مِن نعمة جسيمة ومنَّة عظيمة تُجنى من قطوف الابتلاء والامتحان.” (مفتاح دار السعادة” لابن القيم 1/299–301.)

السخرية من المرض والآلام ليس من علامات المسلم

أما السخرية والشماتة من مرض الآخرين وآلامهم فهذا ليس من علامات المسلمين بل هو من طباع العابثين أو اليافعين، فقد ورد في الحديث الصحيح:

دخل شاب من قريش على عائشة رَضِيَ اللهُ عَنها -وهي بِمِنى- وهم يَضْحَكُون، فقالت: ما يُضْحِكُكم؟ قالوا: خَرَّ فلانٌ على طنُبِ فُسطاطِ -الطنب: الحبل، والفسطاط: الخيمة، يبدو تعثر على طنب فسطاط- فكادَتْ عُنُقُهُ، أو عينه أن تذهبَ، فقالت: لا تضحكوا، فإني سمعتُ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «مَا مِنْ مُسلم يُشاكُ شوكة فما فوقها إلا كُتب له بها درجة، ومُحِيَتْ عنه بها خطيئة».” (أخرجه مسلم والبخاري والترمذي والموطأ عن عائشة)

وفي رواية: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُشَاكُ شَوْكَةً فَمَا فَوْقَهَا إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ بِهَا خَطِيَّةً».

وقد جاء في الحديث عن عَائِشَةُ رضى الله عنها أنها قالت:

كَانَ النَّبِىُّ ﷺ يَقُولُ فِى مَرَضِهِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ: يَا عَائِشَةُ، مَا أَزَالُ أَجِدُ أَلَمَ الطَّعَامِ الَّذِى أَكَلْتُ بِخَيْبَرَ، فَهَذَا أَوَانُ وَجَدْتُ انْقِطَاعَ أَبْهَرِى مِنْ ذَلِكَ السَّمِّ.” (رواه البخاري 4165)

وأصل القصة:

عَنْ أَنَسٍ أَنَّ امْرَأَةً يَهُودِيَّةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَاةٍ مَسْمُومَةٍ، فَأَكَلَ مِنْهَا، فَجِيءَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَتْ: أَرَدْتُ لأَقْتُلَكَ، قَالَ: مَا كَانَ اللَّهُ لِيُسَلِّطَكِ عَلَى ذَاكِ.” (رواه البخاري 2474. ومسلم 2190.)

فحَفِظَ اللهُ تعالى نبيَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولكن أصابه من ذلك بعض الوعك والمرض ويبدو أنه لازمه حتى آخر يوم من حياته الشريفة صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فعلى قياس المعترض هذا الأمر يطعن في صدق النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خصوصاً وهو ﷺ الذي كان يدعو ليل نهار أن يعافيه الله تعالى في بدنه:

عن عبد الجليل بن عطية عن جعفر بن ميمون، قال حدثني عبد الرحمن بن أبي بكرة، أنه قال لأبيه: يا أبةِ، إني سمعتُك تدعو كلَّ غداةٍ: “اللهم عافني في بدني، اللهم عافني في سمعي، اللهم عافني في بصري، لا إله إلا أنت” تعيدها ثلاثًا حين تُصبح، وثلاثًا حين تُمسي، وتقول: “اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر، اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، لا إله إلا أنت”، تعيدها ثلاثًا حين تُصبح، وثلاثًا حين تُمسي، فتدعو بهن؟ فقال: إني سمعت رسول الله ﷺ يدعو بهن، فأنا أحب أن أسْتَنَّ بِسُنَّتِهِ، قال: وقال رسول الله ﷺ: “دعوات المكروب: اللهم رحمتَك أرجو، فلا تكِلْني إلى نفسي طَرْفة عين، وأَصْلِحْ لي شأنه كلَّه، لا إله إلا أنت” ( أخرجه أبو داود 5090 بالجمل الثلاث، وأخرجه النسائي في “الكبرى” 6/9-10/برقم9850، 6/147/برقم 10407 وفي “عمل اليوم والليلة” ص146/برقم 22، ص382/برقم 572 مقتصرًا على الجملتين الأوليين، ومن طريقه ابن السني في “عمل اليوم والليلة” برقم 69، وأخرجه الطيالسي في “مسنده” ص117/ برقم 868 بدون الثالثة، ومن طريقه البيهقي في “الشعب” برقم 23 وكذا الحافظ في “نتائج الأفكار” 2/389، وأخرجه الطبراني في “الدعاء” 2/954-955/برقم 345 مقتصرًا على الجملة الأولى، وأخرجه أحمد في “مسنده” 34/74-75/برقم 20430 تامًّا بالجمل الثلاث، وأخرجه ابن أبي شيبة في “المصنف” 6/24/برقم 29175 مقتصرًا على الجملة الأولى، وأخرجه البخاري في “الأدب المفرد” 1/368/برقم 70 تامًّا بالجمل الثلاث. وحسَّنَ الألباني سنده في “صحيح الأدب المفرد” وفي “صحيح سنن أبي داود” 3/959/برقم 4245 وقال في “تمام المنة” ص232: فالإسناد حَسَنٌ، أو قريب من الحسن.)

فماذا يسمى قياس المعترض غير الإلحاد !

قدر الشفاء ودور الدعاء

أما الحقيقة فهي أن الله تعالى يُقدِّر الشفاء والمرض وكل أمر بقدر معلوم عنده ﷻ، ودور العبد هو الدعاء، فيأتي الجواب من عند الله تعالى فيُظهر كرامات النبي في شفاء نفسه والآخرين تأييداً له، وقد لا يكون الجواب بالشفاء بل أحياناً يكون بمرض أو موت الشخص لحكمة الله تعالى في ابتلاء عباده وصقل إيمانهم وأسباب يعلمها الله تعالى وحده. وسنقدم بعض كرامات المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام في شفاء المرضى، حيث يقول حضرته:

كان أحد الهندوس الآريين… مصابا بالسلّ منذ فترة طويلة، وكان مرضه قد تفاقم رويدا رويدا، حتى ظهرت آثار اليأس، فجاءني ذات يوم وبكى بكاًء مُرّاً يائساً من حياته، فذاب قلبي برؤية حالته البائسة، فدعوت له في حضرة الله، ولما كان شفاؤه مقدرا عند الله، فتلقيت فور الدعاء هذا الوحي: “قلنا يا نار كوني بردا وسلاما”. وفي الحال حكيت هذا الإلهام لذلك الهندوسي ولعديدٍ من الهندوس الآخرين من سكان هذه القرية الذين ما زالوا موجودين فيها، وأعلنت متوكلاً على الله توكّلاً كاملاً أن هذا الهندوسي سيشفى حتماً، ولن يموت بهذا المرض أبدا. فلم يمض على ذلك أسبوع واحد إلا وشفي الهندوسي من مرضه الفتّاك شفاء كاملا. والحمد الله على ذلك.” ( البراهين الأحمدية، الجزء الثالث، الخزائن الروحانية، المجلد الأول، ص 252-253، الحاشية في الحاشية عدد 1.)

وكذلك يقول عَلَيهِ السَلام:

أٰصيب ابني بشير أحمد في عينيه بمرض شديد ذات مرة، حتى سقطت أهداب أجفانه، وكانت عيناه تدمعان بغزارة. وفي الأخير دعوت الله تعالى، فأوحي إلي: “برق طفلي بشير.” أي: شفيت عينا ابني بشير. وبعد أسبوع من الوحي شفاه اللهُ تعالى وتحسنت عيناه تماما. أما قبل ذلك فكنا قد عالجناه بالطب الحديث والطب التقليدي، ولكنه لم يجد نفعا، بل ساءت حالته باستمرار.” ( نزول المسيح، الخزائن الروحانية، مجلد 18، ص 608.)

ويقول المسيح الموعود ؑ:

أُصبت مرة بوجع شديد في سِنّي حتى أغمي علي من شدة الوجع، فتلقيت خلال حالة الإغماء الوحي: “وإذا مرضتُ فهو يشفي.” ولما أفقتُ لم يكن للوجع أثر.” (من رسالة للمولوي عبد الكريم السيالكوتي المنشورة في “الحكم”، مجلد3، عدد24، يوم 1899/7/10، ص 4.)

كذلك:

ذات مرة مرض ابن الدكتور نور محمد صاحب مصنع “همدم صحت” مرضاً شديداً، وكانت والدته قلقة جدا، فأشفقتُ عليها ودعوتُ الله تعالى، فتلقيت الوحي التالي: بأردية أي: سيشفى. فما لبثتُ أن أخبرتُ الحضور بهذا الوحي. ثم حصل كما ورد في الوحي إذ شفي الولد تماماً بفضل الله تعالى.” ( نزول المسيح، الخزائن الروحانية، مجلد 18، ص 608.)

فالأمر علمه عند الله تعالى فقط. وقد دعا المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام لشخص ولكن الله تعالى أنبأه بأنه لن يعيش، يقول عَلَيهِ السَلام:

تلقيت في هذا البستان عن واحد من أربعة من أبناء جماعتنا الذين مرضوا مرضا شديدا الإلهام التالي: أي: ما كان الله ليشفيه. أعمال الِغنى. إعجاز المسيح. بمعنى أن موته كان مثل القدر المبرم، وكأنه المبرم فعلاً، ولكن الله شفاه كإعجاز للمسيح الموعود. ذلك أن القدر المبرم غير قابل للتبدل، ولكن من الأقدار ما يشبه القدر المبرم جدا ويبدو مبرما في النظر الكشفي، ومثل هذا القدر يمكن أن يلقى نتيجة العناية الكاملة والإقبال على الله من ِقبل أحد المباركين من أهل الله.” (“بدر”، مجلد 1، عدد 11، يوم 1905/6/1، ص 2، و”الحكم”، مجلد 9، عدد 3، يوم 1905/6/24، ص 2.)

وهنالك أمثلة كثيرة لا مجال لحصرها.

أما حضرة عبد الكريم رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فقد دعا له المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام من مرض ما فشفي منه، ثم رَآه في الرؤيا بعد مرضه الأخير فاجتهد عليه السَلام فكان الموت قد قُدّرَ على عبد الكريم في علم الله تعالى كما تقدم. ويروي حضرة جلال الدين شمس رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:

كان على ظهر المولوي عبد الكريم دملٌ تحت الرقبة، فَشُقَّ، فقال المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام:

أ- لقد دعوت له هذه الليلة، فرأيت في الرؤيا أن المولوي نور الدين جالس متغطيا برداء وهو يبكي. ثم قال عَلَيهِ السَلام: من خبرتي أن البكاء في المنام جيد، وأرى أن بكاء الطبيب بشارة بشفاء المولوي.” ( “بدر”، مجلد 1 عدد 22، يوم 1905/8/31، ص2، و”الحكم”، مجلد 9، عدد 31، يوم 1905/8/31، ص 10.)

ب- كنتُ رأيته في إحدى الرؤى سليماً معافى، ولكن الرؤى بحاجة إلى التأويل… والموت يعني الشفاء حيناً والموت حيناً آخر في علم تعبير الرؤى. وفي كثير من الأحيان يرى الإنسان في الرؤيا موت أحد ويكون المراد زيادة في عمره.” (ملحق حقيقة الوحي، الخزائن الروحانية، مجلد 22، ص 458-459.)

إذن حتى أنبياء الله تعالى وأوليائه يصيبهم المصائب والمرض، ولكنهم لا يستسلمون لها، ثم بفضل من الله ﷻ لما وفقهم إلى النبوة والولاية يذهب عنهم حزنه، وإن وقع صار هذا الحزن خفيفا، قال تعالى:

﴿أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ قرآن كريم

فمن هم ؟

﴿الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ﴾ قرآن كريم

ما فما هي العاقبة ؟

﴿لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ قرآن كريم

وهكذا كان حال المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام وصحابته رضوان الله عليهم أجمعين.

وما يُهين المعترضُ إلا نفسه

وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

About الأستاذ فراس علي عبد الواحد

View all posts by الأستاذ فراس علي عبد الواحد

One Comment on “البلايا والأمراض للبشر كافة نبيين وصالحين وغيرهم من القرآن الكريم والرد على إعتراضات الإلحادية”

  1. “كَانَ النَّبِىُّ ﷺ يَقُولُ فِى مَرَضِهِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ: يَا عَائِشَةُ، مَا أَزَالُ أَجِدُ أَلَمَ الطَّعَامِ الَّذِى أَكَلْتُ بِخَيْبَرَ، فَهَذَا أَوَانُ وَجَدْتُ انْقِطَاعَ أَبْهَرِى مِنْ ذَلِكَ السَّمِّ.” (رواه البخاري 4165) هذا حديث مكذوب على الرسول صلي الله عليه واله وسلم ولا يصح الاستدلال به. جزاكم الله

Comments are closed.