رَجُل الإسلام عَلَيهِ السَلام

المعترض: نقاشات الدينية مع البهائية كنموذج

ذعر الميرزا من النقاش الديني.. قصة محمود زرقاني البهائي نموذجا

قبل سنوات سئلت في برنامج سبيل الهدى أو في الموقع الأحمدي إنْ كان الميرزا قد سمع بالبهاء، فقلتُ: لا يمكن أن يكون قد سمع، لأنه لو سمع به لفنّد دعاويه ولملأ الدنيا بنقضه، لكنه لم يكتب عنه حرفا واحدا فيما أعلم.

هذا كان ظنّي في الميرزا حين كنتُ أثق به.

ثم تبيّن لي أن بهائيا قد دعا الميرزا للمناظرة، ولكني مررتُ على ذلك بلا كبير اهتمام.

في عام 1904 وصل محمود زرقاني البهائي من إيران إلى الهند، وذهب إلى لاهور، حيث كان الميرزا هناك، ونشر في جريدة أنه يريد مناظرة الميرزا، فرفض الميرزا مواجهته، زاعما أنّ لديه اجتماعا يوم الغد (السبت)، وأنه سيسافر صباح الاثنين!!! فسؤالي: ماذا عن يوم الأحد؟ ألا يمكن أن تقابل الرجل ولو لساعتين؟ ما دمتَ قد عرفتَ أنه يتبع البهاء الذي يدّعي ما يدّعي، فلماذا رفضتَ هذه الفرصة؟ لماذا لم تدعُه إلى قاديان لتقيم عليه الحجة هناك؟

الجواب أن الميرزا لا يستطيع.

وفيما يلي الحكاية على لسان الميرزا:

يقول الميرزا: “لقد علمت اليوم بقراءة جريدة “بيسه أخبار” العدد 27 آب 1904م أن المدعو حكيم مرزا محمود الإيراني يقيم في لاهور ويؤيد شخصا يدّعي أنه المسيح (يقصد الميرزا بذلك البهاء)، ويريد أن يبارزني. ولكني متأسف أسفا شديدا أني لا أستطيع أن أقبل طلبه هذا لضيق الوقت الشديد عندي؛ فهناك اجتماع غدا، يوم السبت، وسأكون مشغولا فيه. وفي الصباح الباكر يوم الاثنين عليّ أن أسافر إلى غورداسبور للمثول أمام المحكمة لقضية مرفوعة هناك. أنا مقيم في لاهور منذ 12 يوما تقريبا ولم يطلب مني أحد شيئا كهذا، ولا أعرف ما المقصود والهدف من تقديم هذا الطلب في وقت غير مناسب حين صرتُ على وشك السفر ولا أجد دقيقة فراغ واحدة لشغل آخر. لكني أقترح طريقا سديدا آخر لحكيم مرزا محمود من أجل تصفية الأمور، وهو أن ينشر مدير جريدة “بيسه أخبار” في جريدته بنصه وفصّه مقالي الذي سيُقرأ في الاجتماع غدا في 3 أيلول”. (غلاف محاضرة لاهور)

أقول: الجريدة نشرت دعوة البهائي في 27 آب، والميرزا يذكر أنه قرأها في 2 أيلول، أي بعد ستة أيام!! ولم يذكر لنا الميرزا لماذا تأخر هذه الأيام كلها حتى قرأها. مع أنّ مثل هذه الدعوة لا يمكن أن تخفى عليه ساعتين، بل لا بد أن يعلم بها فور صدورها في الجريدة، بل يمكن جدا أن يعرف بها قبل صدورها.

فواضح كالشمس أن الميرزا لم يصدُق حين زعم أنه قرأها في 2 أيلول، بل ذكر ذلك ليجد مهربا من المواجهة بلا فضيحة.

ثم ما علاقة صاحب الجريدة ليفرض عليه الميرزا أن ينشر له مقاله الطويل المملّ حتى قبل معرفة مضمونه؟

ثم يتابع الميرزا:

“وأرجو من السيد حكيم أن ينشر أيضا بالمقابل مقالاً له في الجريدة نفسها. وبقراءة المقالين سيحكم الناس بأنفسهم مَن كان مقاله مبنيا على الصدق والحق والحجج القوية، ومن كان مقاله من سقطِ المتاع”.

أقول: صاحب الجريدة يعنيه أن يشتري الناس جريدته، والناس يريدون أن يرتاحوا من الميرزا وسيرته، فكيف إذا جاءهم ميرزا إيراني؟!! ألا يمكن أن يؤدي ذلك إلى انفضاض الناس عن الجريدة؟ ألم يجد الميرزا وسيلة للهروب غير هذه الوسيلة التافهة؟

ويتابع الميرزا:

 “في رأيي أن هذا الطريق للحكم أحوط وأسلم من النتائج السيئة التي تسفر عنها معظم المناظرات في هذه الأيام”.

أقول: ليست كل المناظرات كذلك، فهذا شخص وحيد آتٍ من بلاد بعيدة، ويُستبعد أن يكون في الهند أي بهائي حين جاء. لكنه الهروب.

لو كان الميرزا لديه ثقة 10% مما يقول لأقبل إقبالا على مناظرة هذا البهائي. أليست هذه فرصة العمر! أليس الواجب عليه أن ينقض دعوى البهاء من جذورها، أيّا كان شكلها، فالبهاء ينسب نفسه إلى الله، ويُفترض بالميرزا إن كان لديه غيرة على دين الله أن يواجه هذا الشخص حتى لو لم يكن لديه أي معرفة بالبهاء وأقواله، وكان عليه أن يتحمّس لذلك ويدعوه إلى قاديان إنْ لم يُسعفه الوقت في لاهور، وكان عليه أن يدعو كل الأحمديين لمشاهدة هذا الحوار ليقوى إيمانهم حين يرون البهائي يُطرح أرضا، وتنتصر أوهام الميرزا عليه.

هذه هي سيرة الميرزا ومَن خلَفه؛ إنهم المذعورون ثم الزاعمون أنهم المنتصرون!! وإنهم لَكاذبون.

الرد: رد المسيح الموعود على البهائية

لقد رد المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بالفعل وفنّد معتقد البهائية بكل روعة وحطَّم ترهاتهم ضد الإسلام، بل كان المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام هو أول من ردَّ ودحض هذه العقيدة الفاسدة ردَّاً محكماً مثبتاً عظمة الإسلام وخاتمية النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقد أرفقنا مع المنشور صوراً من رد المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام على البهاء وذلك في مجلة “مراجعة الأديان” المجلد السادس العدد 9 لشهر سبتمبر من عام 1907. وقد رد أيضاً المُصْلِحُ المَوْعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ على البهاء الذي ادّعى الألوهية كما يلي:

ان يا عبد ان استمع نداء الله مالك القدم من شطر سجنه الأعظم“ (لئالئ الحكمة المجلد الثالث الصفحة 140)

أنكم تحت لحاظ عناية الله يسمع ما تتكلمون في حبه و يري ما أنتم عليه في أمره المبرم الحكيم إنه يذكركم من شطر سجنه الأعظم بما تثبت أسمائكم في لوح حفيظ“. (المجلد الاول لئالئ الحكمة الصفحة 113)

ويعزّي أحد أتباعه الذين تعرضوا للسجن محاولاً التخفيف عنه فيقول له:

ثم اذكر من قبلي الذي سمي بمحمد قبل علي قل لا تحزن لسجنك إن ربك في السجن الأعظم بما اكتسبت أيدي الذين كفروا بالله مالك الرقاب” (لئالئ الحكمة المجلد الثاني الصفحة 242)

ويقول:

شهد شعري لجمالي بأني أنا الله لا إله إلا أنا قد كنت في أزل القدم الآقدم إلٰها فردا أحدا صمدا حيا باقيا قيوما” (لئالئ الحكمة المجلد الثالث ص 68)

أن استمع مايوحي من شطر البلاء علي بقعة المحنة والابتلاء من سدرة القضاء أنه لا إله إلا أنا المسجون الفريد” ( الكتاب المبين ج1 ص 177 )

ويعتقد البهاء بأنه هو الذي خلق العالم فيقول:

إن الذي خلق العالم لنفسه حبس في أخرب الديار“ (نداء رب الجنود ص 25)

إن الذي خلق العالم منعوه أن ينظر إلي أحد من أحبائه” (الكتاب المبين ج1 ص 181)

إن الذي خلق العالم لنفسه قد حبس في أخرب الديار” (نداء رب الجنود ص 25 وكذلك الكتاب المبين ج1 ص 37)

ثم انصره بالبيان كذلك يأمرك الرحمن حين الذي كان بأدي الظالمين مسجونا” (الكتاب المبين ج1 ص341)

ويضيف هذا الإله السجين:

أن يا عبد ان استمع النداء من شطر عكاء سجن ربك الأبهى بأني أنا المظلوم الغريب خلقنا العباد لخدمتي أنهم كفروا بعد الذي كشفنا لهم الوجه بنور مبين” (الكتاب المبين ج1 ص 259)

ويأمر البهاء اتباعه أن يدعوه وأن يستهلوا أدعيتهم بالثناء عليه كما يلي:

قل لك الحمد يا إلهي بما ذكرتني في سجنك الاعظم نفسي لسجنك الفداء يامن بيدك ملكوت القدرة والاقتدار” (الكتاب المبين ج1 ص 168)

فيقول المُصْلِحُ المَوْعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ردا على البهاء:

هذه الآية {وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ} تكشف جليًّا الفرقَ بين وحي الله الخالص وبين افتراء البشر. ذلك أن أهل الدنيا إذا كانوا ذوي قوة ومنعة هدّدوا دائمًا بأنهم سيأتون بخيلهم ورجلهم، أو إذا كانوا ضعفاء اشتكَوا من قلة الأعوان والأنصار وقالوا: ليس معنا أحد وإلا لفعلنا كذا وكذا. وهذا ما فعَله “البهاء” الذي ادعى الألوهية، وأرجع عدمَ نجاحه إلى كونه وحيدًا قليل الأعوان والأنصار. (الكتاب المبين ص 286) … ولكن الله الحق يركّز دائمًا على كونه وحيدًا، ويسخَط على الذين يجعلون له شركاء يساعدونه، ويغضَب على الذين يزعمون أن له بنين أو بنات أو وزراء؛ مما يكشف على الدنيا قدرته حقًّا. فبينما تشكو الآلهة الباطلة من قلة الأعوان والأنصار.. يتخذ الإله الحق وحدانيتَه دليلاً على صدقه تعالى. .. علمًا أن تعبير “إتيان الله الكفارَ” يعني في القرآن الكريم دائمًا نزول عذاب الله عليهم. ولكن البهائيين يستنتجون من هذا التعبير القرآني وما شاكلَه استنتاجًا خاطئًا حيث يقولون: لقد أكد القرآن أن الله نفسه سيأتي، وها قد ظهر الله الآن في شخص “البهاء”. ولكن الحق أن هذا التفسير البهائي يخالف تمامًا فحوى القرآن الكريم كما هو واضح من هذه الآية بكل جلاء. إن تفسيرهم مقبول في صورة واحدة فقط، وذلك إذا اعتبرنا “البهاء” عذابًا لأهل هذا الزمن. ولا اعتراض عندنا على اعتبار “البهاء” تجليًّا قهريًّا من عند الله تعالى، لأنه ﷻ يعذّب الغافلين عن دينه بما يزيدهم غفلةً وعمايةً. والآن أتناول فحوى هذه الآية ببعض التفصيل. اعلمْ أن لكل شيء جانبين: إيجابي وسلبي، ويستحيل اكتماله بدون اكتمال الجانبين فيه.. بمعنى أنه يجب أن يتوافر في الشيء ما لا بد من توافره فيه حتى يكتمل، وأن يخلو مما لا بد من أن يخلو منه حتى لا يقع فيه نقص أو عيب. ومن وجهة النظر الدينية، لا بد للتعليم الكامل من أن يتحلى بالمزايا التالية:

  1. أن يأمر بما يحقق الكمال الروحاني، وينهى عما يحول دون هذا الغرض.
  2. أن يراعي – لدى سَنِّ قانون عام لا يخص فردًا أو قومًا بل أفرادًا وأقوامًا كثيرة – كل الطبائع البشرية بمختلف أنواعها بحيث يتمكن كل إنسان من العمل به حسب استعداده.
  3. أن يكون صالحًا للعمل به حتى لا يؤدي إلى فساد دين الناس أو خُلقهم أو عقلهم أو حضارتهم.

لقد جمع الله ﷻ في هذه الآية القصيرة هذه الأوجهَ الثلاثة للكمال جمعًا رائعًا؛ فقد أمر بالإيجابيات الثلاث: العدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، ونهى عن السلبيات الثلاث: الفحشاء والمنكر والبغي.

فالعدل هو التساوي والمراد منه أن يعامل المرء صاحِبَه بالمثل؛ فإذا ظلمه انتقم منه بقدر ما ظلمه دون أن يعتدي عليه، وإذا صنع به معروفًا ردّ عليه بمعروف مثله على الأقل.

والعدل مع الله ﷻ يعني أنه تعالى قد شمل الإنسان بنعم كثيرة، فعليه أن يؤدّي حق هذه النعم، فلا يتيح بأعماله السيئةِ الفرصةَ لأحدٍ للطعن في ذاته ﷻ، أو لا يعطي غيرَ الله ما هو حقه ﷻ، وذلك بالإشراك به، لأن الشرك ظلم وهو بمثابة سلب حق من أحد وإعطائه غيرَه، ومن أجل ذلك فقد سمى القرآن الكريم الشركَ ظلمًا عظيمًا. فالاعتقاد بوجود ابن أو زوجة أو شريك لله تعالى ظلم وخلاف للعدل.

كما ليس من العدل مع الله تعالى أن يعزو الإنسان إلى نفسه الصفاتِ الخاصة بالله تعالى. فمثلاً إن إنزال الوحي والشرع من اختصاص الله تعالى وحده، ولو أن أحدًا ادعى أنه هو يُنـزل الوحي أو الشرع مثلما ادعى “البهاء” (قرن بديع ص 181 و188).. فلا شك أنه يخالف مبدأ العدل. والواقع أن الإنسان لو عدل مع الله تعالى لما بقي للشرك والكفر والعصيان من أثر.” (التفسير الكبير، مرزا بشير الدين محمود أحمد  ؓ، تفسير سورة النحل)

فالحق أن الله تعالى هو الذي يكشف كذب المتنبئ الكذاب، فيُهلَك بالآيات السماوية بسرعة، أما مدعي الألوهية فلا داعي لإهلاكه بآيات السماء، لأنه كلما أكل وشرب تبين أنه ليس بإله. وكلما نام أو ذهب ليتبول ويتغوط تبين أنه ليس بإله. وحين يتزوج وينجب الأولاد ثبت أنه ليس بإله. ولن يؤمن بألوهيته في زمنه إلا الأحمق أو الحمار كما فعل أتباعُ “بهاء الله”. أما بعد موته فيُفتضح من خلال تعليمه أو على يد المأمور الذي يُبعث من عند الله تعالى، مثلما حصل بالمسيح عَلَيهِ السَلام حيث إن أقواله وكذلك تاريخ حياته تبطل ألوهيته.” (التفسير الكبير، مرزا بشير الدين محمود أحمد  ؓ، تفسير سورة الأنبياء)

والدليل الآخر الذي بينه الله تعالى هنا على بطلان آلهتهم هو أنها مخلوقة. وكيف يمارس الألوهية من كان محتاجًا لغيره لدرجة أنه لولاه لما كان له وجود في الدنيا؟ وهل يُخلَق الإله بيد غيره؟ فكيف جاز للإنسان أن يشرك بالله تعالى هؤلاء الآلهة مع أن كل واحد منها مخلوق، فكان المسيح مولودًا من بطن أمه، كما أن “بهاء الله” – الذي يرى أتباعه أنه ادعى الألوهية – أيضًا كان مولودًا من بطن أمه، وكذلك جميع أولياء الله والدراويش من أصحاب الزوايا الذين يسجد البعض على قبورهم.. كلُّ أولئك كانوا مولودين من بطون أمهاتهم؟ فكيف يمكن أن يكونوا آلهة، وكيف جاز السجود لقبورهم؟” (التفسير الكبير، مرزا بشير الدين محمود أحمد  ؓ، تفسير سورة الفرقان)

هذا، وأود في هذا المقام دفع شبهة أخرى. يحاول بعض البهائيين عبثًا تطبيق هذه الأنباء على زعيمهم “بهاء الله” لكونه فارسي الأصل؛ ولكنها محاولة باطلة. ذلك أن الأحاديث النبوية تصرح بأن الموعود المذكور هنا سيعلّم القرآن الكريم، وسيكون نائبًا وخليفة لمحمد رسول الله ﷺ، ذلك أن ما قاله رسول الله ﷺ في تفسير آيةٍ من سورة الجمعة يؤكد بكل جلاء أن محمدًا ﷺ كما يعلّم الأُمّيّين أي العربَ القرآنَ، كذلك سيعلّمه مرة أخرى قومًا آخرين لم يأتوا بعد.

إذًا فإن هذا النبأ لا يمكن أن ينطبق على أحد إلا الذي:

  1. يكون فارسي الأصل
  2. ويعلن أنه تلميذٌ لمحمد رسول الله ﷺ، ولا يعلّم إلا القرآن
  3. أنه يكون ذا القرنين أي يرى قرنَين من السنين، علمًا أن هذا الأمر مستنبَط بالجمع بين آيات القرآن المختلفة الواردة في هذا الموضوع
  4. وأنه سيقضى على فتنة يأجوج ومأجوج التي أعظم أُسسها عزوُ صفات الله إلى العباد وتأليههم.

والواضح الجلي أنه لم يتوافر في “بهاء الله” من هذه الشروط إلا كونه من فارس. فلم يكن تلميذًا لمحمد رسول الله ﷺ؛ كما لم يَدْعُ الناسَ إلى القرآن الكريم؛ ولم يجد زمن قرنين من القرون؛ ولم يقضِ على فتنة يأجوج ومأجوج؛ بل على النقيض شبَّ نارَها وأفحلَ شرَّها بقوله عن نفسه أنه إله. بعد ذكر هذه الأمور التمهيدية وبيان الترتيب الموجود في الواقعات المذكورة في هذه السورة، أذكر بحثي الخاص بصدد ذي القرنين.” (التفسير الكبير، مرزا بشير الدين محمود أحمد  ؓ، تفسير سورة الكهف)

والدليل الثاني الذي ساقه القرآن هنا على صدقه هو قوله (وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ).. أي أن الكتاب النازل على محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسد كل ما يحتاجه الإنسان في مجال الدين، وما دام القرآن محتوياً على كل ما لا بُدّ منه للإنسان فما الداعي لنزول أي كتاب آخر!

إن هذا الدليل يدحض أيضاً ادعاء الذين زعموا بالإتيان بشرع جديد بعد القرآن كمثل “البهاء” الذي ادعى بأنه جاء بشرع جديد (الأقدس،ص233). فيمكن أن نوجه إليه السؤال: ما هي الضرورة الدينية التي لم يلبِّها القرآن حتى مسّت الحاجة إلى شرعك الجديد؟ فالحق أن هذا البرهان قوي جدّاً بحيث لا يستطيع مواجهته أحد من أتباع “البهاء” أو غيرهم، لأن القرآن قد بلغ من الكمال والشمولية بحيث لا يمكن أن يباريه أي كتاب قديم أو جديد، لا في عدد المسائل المذكورة فيه ولا في تَنَوُّعها، ناهيك من أن يبلغ شأوه فيما جاء به من معارف سامية للغاية.

ثم وصف القرآن بكونه (هدًى).. أي أن ما جاء به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يكتفي بتفصيل الأمور الدينية، بل أيضاً يوصل الإنسان إلى ربه عز وجل ويأخذه مُروراً بالمرحلة الأولى العقلية- إلى مقام العيان والمشاهدة أي الخبرة الذاتية مع الله تعالى.” (التفسير الكبير، مرزا بشير الدين محمود أحمد  ؓ، تفسير سورة يوسف)

خذوا مثلاً “البهائية” التي قد مضى على تأسيسها ما يقارب 90 سنة، وذلك بدءاً من دعوى “الباب”، ولكن ليس بين أتباعها حتى ولا شخص واحد يمكن أن يُعلن بأنه استطاع عن طريق العمل بمبادئ البهائية أن يصل إلى الله تعالى وأن الله تعالى يشرِّفه بالحديث معه. بينما على النقيض من ذلك نجد مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية عليه السلام الذي بعثه الله إماماً مهدياً ومسيحاً موعوداً للأمة الإسلامية، فإنه لم يمضِ على بعثته إلا وقت قصير جداً، وها نحن اليوم يمكن أن ندل على مئات الأشخاص من أتباعه الذين يتشرفون بكلام الله تعالى.

إن فعل (اجتُثّتْ) جاء لبيان علامات الكلمة الخبيثة أي الديانة الباطلة على النحو التالي:

  1. إنّ كتاب تلك الديانة يتحدث عن أمور سطحية جدّاً مما يعرفه الناس عموماً، وليس عن أمور روحانية دقيقة.
  2. إنّ تعاليمه تكون مؤقتة لا تعرف الدوام والثبات. وهذا هو حال تعاليم البهائية. لقد أجاز “البهاء” الزواج بامرأتين (الأقدس ص18)، ولكن جاء “عباس” بعده وألغى هذا الحكم. .. -إن تأثير تعاليمه قصير الأمد وتنفر منه القلوب سريعاً. لكن التعليم الحق هو ما يُكتب لهُ الخلودُ بسبب تأثيره البعيد. ومثال هذا التعليم الباطل في فجر الإسلام ما عَرَضَه مسيلمة الكذاب وغيره من تعاليم. ومثاله في هذا العصر ما علّمه “البهاء”، لأن أتباعه أنفسهم لا يعملون بتعاليمه، حتى إنه لا يوجد في أي من القرى البهائية جماعة من البهائيين تعمل بحسب تعاليم البهاء.” (التفسير الكبير، مرزا بشير الدين محمود أحمد  ؓ، تفسير سورة إِبْرَاهِيم)

فالموضوع هو أن أحدهم رأى أن شخصاً من الهند كان يدّعي بأنه المهدي، فظنّه كباقي المدّعين، فبرز للمناظرة. ولو علم كيف كان حضرته عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام يطيح بصروح أوهام القسس المنصِّرين والمشايخ المكفّرين والآريا أعداء الدين، لَوَلّى البهائي مُدبِراً ولم يُعقّب.

فما أسهل هذه المناظرة لو تمَّت. ولكن حضرة المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام لم يكن لديه الوقت الكافي لمناظرة شخص هنا أو هناك، فوقت حضرته ثمين لا يضاع على من هب ودب.

أما المناظرات فسنترك الإمام عبد الحي اللكنوي وهو علامة الهند وإمام المحدثين والفقهاء عندهم 1264 – 1304 هـ يرد على المعترض ويثبت له أن حضرة مرزا غلام أحمد عَلَيهِ السَلام كان صنديد المناظرات ومحطم أعداء الإسلام، حيث يقول:

مرزا غلام أحمد القادياني: الرجل الشهير غلام أحمد بن غلام مرتضى بن عطاء محمد بن كل محمد برلاس القادياني المتمهدي ثم المتنبي المشهور في بلاد الهند، كان يظهر الزهد والتصوف والكرامات، ويباحث أحبار الآرية والنصارى ويفحمهم في مباحثاته، ويصرف آناء الليل والنهار في الذب عن الإسلام، ويبذل جهده كل الجهد، ويصنف الكتب في ذلك، حتى إنه ادعى أنه مهدي موعود، ثم ادعى أنه مسيح معهود، وسمى نفسه مثيل المسيح، ثم ادعى أنه بروز أحمد ثم قال إنه بروز كرشن عظيم الهنود، وكان يخبر الناس بما يكون، فافتتن به خلق كثير، واعتقدوا فيه الخير، وأنكره الآخرون فقالوا: إنه مشعبذ ومتكهن وساحر وكذاب، وكفره السيد نذير حسين المحدث الدهلوي والشيخ حسين بن محسن اليماني والعلامة محمد بشير السهسواني وغيرهم من العلماء الربانيين، ولهم رسائل في الرد عليه والذب عن أهل السنة والجماعة.” ( نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر، عبد الحي بن فخر الدين الحسيني اللكنوي، حرف الغين، الصفحة ١٠٧٩)

فأين المعترض الرعديد من قاهر عِدا الدين الصنديد !

فإما أن المعترض أفهم بكثير من علامة أهل السنة والجماعة وإمام المحدثين والفقهاء في الهند بأحوال حضرة مرزا غلام أحمد عَلَيهِ السَلام، أو أن المعترض جاهل، أو أنه يكذب. ولا يوجد خيار رابع. لذلك لا بد أن الخيارين الثاني والثالث هما الصحيحان.

وبهذا يُهينُ المعترض نفسه بنفسه كلما حاول إهانة سَيِّدِه المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام.

رجل الإسلام مرزا غلام أحمد

رجل الإسلام مرزا غلام أحمد رجل الإسلام مرزا غلام أحمد

رجل الإسلام مرزا غلام أحمد رجل الإسلام مرزا غلام أحمد

رجل الإسلام مرزا غلام أحمد رجل الإسلام مرزا غلام أحمد

رجل الإسلام مرزا غلام أحمد رجل الإسلام مرزا غلام أحمد

رجل الإسلام مرزا غلام أحمد رجل الإسلام مرزا غلام أحمد

رجل الإسلام مرزا غلام أحمد رجل الإسلام مرزا غلام أحمد

وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

About الأستاذ فراس علي عبد الواحد

View all posts by الأستاذ فراس علي عبد الواحد