نتابع معكم في هذه الحلقة الردّ على الاعتراضات حول مسألة الأعداد في الجماعة الإسلامية الأحمدية فنورد اعتراضا جديدا للمعارضين في هذا الصدد:

الاعتراض:

يقول أحد المعترضين إنه في 1907 ادعى مؤسس الجماعة أنه وصلته رسالة، من شخص اسمه أحمد زهري بدر الدين، وضمها لكتاب الاستفتاء، وكتب فحواها أيضا في كتاب “نحن وآريو قاديان”، في نفس الفترة تقريبا، تقول الرسالة: “لقد كثرت أتباعُكم في هذه البلاد وصارت عدد الرمل والحصى ولم يبق أحد إلا وعمل برأيكم واتّبع أنصاركم”، وادعى هذا المعترض أن (العرب لا يقولون كثرت أتباعكم، يقولون كثر أتباعكم) (وصاروا عدد الرمل والحصى، لا يقولون وصارت)، ولم يبق أحد إلا وعمل برأيكم واتّبع أنصاركم، (يعني الوضع الطبيعي أن يقول بايعكم الناس).

الرد:

أولا: وردا على الاعتراض بأن هذه الرسالة لا أصل لها بل اختلقها مؤسس الجماعة، والدليل على ذلك أن عبارة الرسالة خاطئة وتخالف الأسلوب العربي، نقول:

لقد أورد المسيح الموعود عليه السلام جزءًا من هذه الرسالة في حاشية كتابه الاستفتاء ص 32 الطبعة الأولى، يتبين منها أن صاحب الرسالة هو أحمد زهري بدر الدين من الإسكندرية، وكتب هذه الرسالة في 19 ديسمبر 1906، ثم أورد حضرته عليه السلام مضمون الرسالة نفسِها بالأردية في كتابه “آريو قاديان ونحن” في هامش صفحة 6 الطبعة الأولى، ويتبين من ذلك أن هذه الرسالة وصلته في قاديان في تاريخ 23 يناير 1907 حيث يقول حضرته: هذه الرسالة محفوظة وهي بيدي الآن.

ولقد كان المعترضون والمخالفون موجودين في ذلك الزمن، ولم يشكك أي منهم بهذه الرسالة، ولم يدّعوا أنها مختلقة، إذ كانوا مطلعين على كثرة الوافدين إلى قاديان وكثرة الرسائل أيضا. وكانوا يعلمون بأنهم لو ادعوا ذلك فإن حضرته سيُشهد مئات من الناس على هذه الرسالة ويريهم إياها وسيصيبُهم الخزي، لذا لم يلجأوا إلى التشكيك فيها.

لكن هؤلاء المعارضين الجدد جاؤوا اليوم للتشكيك!

ثانيا: أما الادعاء بأن الجمل العربية في رسالة هذا الأخ المصري خاطئة لغويا ولا تناسب الأسلوب العربي وتوحي بأن حضرته اختلق الرسالة، والعياذ بالله، فيتضح منه جهل هذا المعترض بالأسلوب العربي الذي استخدمه القرآن الكريم والحديث الشريف والذي يعرفه متوسطو المعرفة بالعربية ناهيك عن علمائها.

فالاعتراض الأول هو أنه جاء في الرسالة: “كثرتْ أتباعُكم”، وأن هذا خطأ، والصحيح “كثر أتباعكم”.

فالقاعدة العربية تقول بجواز التذكير والتأنيث في الفعل الذي يسبق جمع التكسير. وهناك أمثلة كثيرة على ذلك في القرآن الكريم منها قول الله تعالى:

(قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا) (الحجرات 15)

(وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ) (البقرة: 114)

(قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ) (آل عمران: 145)

(أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ) (التوبة: 70)

(قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ) (إِبراهيم: 12)

الاعتراض الثاني

كلمة “أتباعُكم” في الجملة “لقد كثرت أتباعُكم في هذه البلاد وصارت عدد الرمل والحصى”جاءت بصيغة المذكر فيجب أن تكون العبارة كالتالي: “صاروا عدد الرمل والحصى” بدلا من “صارت عدد الرمل والحصى”.

هذا أيضا يدل على جهل المعترض، لأن القاعدة تقول إذا كان مفرد جمع التكسير مذكرًا عاقلا وكان الضمير في الفعل الذي يعقبه عائدا إلى صيغة جمع التكسير فيجوز أن يُذْكَر هذا الفعل بصيغة المؤنث، كقول الله تعالى في القرآن الكريم: (وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ * لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ) (المرسلات: 12-13) فهنا جاءت “أقتت” بدلا من أٌقِّتوا و”أُجِّلت” بدلا من أُجِّلوا.

الاعتراض الثالث

ورد في الرسالة: “لم يبق أحد إلا وعمل برأيكم واتّبع أنصاركم”

بينما كان من المفروض أن يقال هنا بايعكم الناس.

الحق أن السيد أحمد زهري بدر الدين المصري عندما أخبر الناس أن هناك شخصًا في الهند يقول بأن هذه الآيات تثبت وفاة المسيح وأن المسيح القادم لن يكون مسيحًا إسرائيليا أيّد الناس موقفه، لذا كان قول صاحب الرسالة صحيحًا وبحسب الأمر الواقع حيث قال ولم يبق أحد إلا وعمل برأيكم واتبع أنصاركم.

فهذه هي ردودنا على الاعتراضات المختلفة التي أوردها المعترضون بخصوص هذه الرسالة، والتي تثبت مدى جهل المعترضين بلغتهم الأم العربية، رغم أن منهم حملة شهادات عليا في هذه اللغة، وهذه هي الطامة الكبرى التي تعكس مدى جهل المعترضين وتهورهم وانعدام مصداقيتهم في كافة الاعتراضات التي يدلون بها، فإذا كان مستوى بحثهم وعلمهم ومعرفتهم بلغتهم الأم قد وصل إلى هذا التّدني والجهل فكيف يمكن التعويل على بحثهم وتحقيقهم في باقي الأمور والاعتراضات التي يدلون بها.

وبهذا، أعزاءنا المشاهدين نكون قد رددنا على الاعتراضات التي أوردها المعترضون في هذا الصدد، مسألة الاعداد في الجماعة الإسلامية الأحمدية، وأشبعناها وقتلناها بحثا وردّا، وصدق رب العزة حيث قال: { بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} (الأنبياء 19) وإلى حلقة أخرى وردود أخرى، نترككم في أمان الله وحفظه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.