● لا نسخ في أحكام القُرآن الكَرِيم

يقول المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام:

على أية حال، لقد قبل إخواننا المسلمون أن ابن مريم سيأتي عندئذ مسلماً، ويُظهر كونه من الأمة المحمدية، ولن يذكر مطلقا نبوته التي كان مشرَّفا بها من قبل. هذه في الحقيقة هي الطامة الكبرى التي واجهها إخواننا نتيجة حمل الاستعارة على الظاهر، فاضطروا لحرمان نبيّ من نبوته. ولو قبلوا المعنى الصريح الذي يتبين بكل وضوح من كلام النبي الطاهر ﷺ، وصرّح به سابقا المسيح عَلَيهِ السَلام عن النبي يوحنا؛ لتخلّصوا من هذه المشاكل العويصة كلها، ولما احتاجوا لإخراج روح المسيح من الجنة، ولما اضطروا لعزل نبي مقدس من منصب النبوة، ولما ارتكبوا انتقاداً مبطَّناً في حق النبي ﷺ، ولما اضطروا للاعتراف بنسخ أحكام القرآن.” (توضيح المرام، ص 65)

ما هي المشاكل التي وقع فيها المسلمون حسب النص أعلاه من كلام المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام ؟

بالإضافة إلى مشاكل كثيرة لا حصر لها ذَكَرَ حضرته عَلَيهِ السَلام عدم إمكانية عودة الأموات إلى الدنيا وخروج الصالحين من الجنة التي قال تعالى بأن أهلها ﴿لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ﴾، وكذلك نزْع النبوة عن المسيح حين ينزل كما يدعي بعض المسلمين، ونَقْدهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بجعله ميتاً في التراب لا حاجة له بينما عيسى هو الحي الذي في السماء الذي لا زالت الحاجة ماسة اليه بعد وفاة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وانتفاء الحاجة للنبي ﷺ والعياذ بالله، ثم ذَكَرَ المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام مسألة النسخ وسمّاها بنص صريح “ولما اضطروا للاعتراف بنسخ أحكام القرآن”. إن هذا النص الصريح الذي ينفي فيه المسيح الموعود عليه السَلام بكل وضوح النسخ (نسخ الأحكام) لهو كاف للرد على من زعم أن حضرته عَلَيهِ السَلام يقول بالنسخ، فإذا كان المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام في كل كتبه لم يعترف بأن هنالك نَسْخ للأحكام في كتاب الله العزيز ثم أكّد بنص صريح مانع جامع كما قرأنا أعلاه بأن نسخ الأحكام غير وارد في القرآن الكريم ألبتة، فلماذا يثار الاعتراض وينسب للمسيح الموعود عَلَيهِ السَلام ما لم يقله بل كتب عشرات الكتب في نفيه وبيان بطلانه كآيات الحرية الدينية وغيرها في المواضيع الهامة ؟ ويؤكد المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام هذا النفي لنسخ الأحكام فيقول:

“ما کان اللّٰہُ أن یرسل نبیًّا بعد نبیّنا خاتم النّبیّین۔ وما کان أن یُحدث سلسلۃ النبوۃ ثانیًا بعد انقطاعھا وینسخ بعض أحکام القرآن ویزید علیھا ویخلف وعدہ وینسی إکمالہ الفرقان ویُحدث الفتن فی الدین المتین.” (الخزائن الروحانیة، مجلد 5، مرآة کمالات الإسلام: ص 377)

● لا نسخ للأخبار في القُرآن الكَرِيم

كذلك نفى الْمَسِيحُ الموعودُ عَلَيهِ السَلام نَسْخ الأخبار كقول حضرته:

كل عاقل يستطيع أن يفهم أن النسخ لا يؤثر قط في الأحداث التاريخية والأخبار وما شابهها، وإلا هذا يستلزم كذب الله ﷻ.” (مناظرة لدهيانة ص 128)

إذن فقد نفى المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بنصوص صحيحة صريحة نفى النسْخ عن القرآن المجيد في الأحكام منه وفي والأخبار.

● لا نسخ في القُرآن الكَرِيم بشكل عام

يقول المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام نافياً النسخ في القرآن المجيد:

لا إلٰہ إلا اللّٰہ مُحَمَّدٌ رسول اللّٰہ اٰمنا باللّٰہ وملٰٓئکتہ ورسلہ وکتبہ والجنۃ والنار والبعث بعد الموت وآثرنا القراٰن کتاباً ومُحَمَّداً صَلَّی اللّٰہ عَلیہِ وسَلَّمَ نَبیًّاً ولا نَدَّعي النبوّۃ ولا نَدَّعي نَسْخ القراٰن بعد مُحَمَّدٍ صَلَّی اللّٰہ عَلیہِ وسَلَّمَ ونشہد أنَّہ خاتم النبیین وخیر المرسلین وشفیع المذنبین ونشھد أنَّ الحقَّ کلّہ في القراٰن وحدیث النبي صَلَّی اللّٰہ عَلیہِ وسَلَّمَ وکلّ بدعۃ فی النار وإنّا مسلمون واللّٰہ یعلمُ ما في قلوبنا علیہ توکلنا وإلیہ أنیب. والحمد للّٰہ أولًا وآخرًا وظاھرًا وباطنًا ربنا وربّ العٰلمین.” (الخزائن الروحانیة، المجلد 9، أنوارُ الإسلام، الصفحة 36-35)

وقد أكد الخليفة الثاني للمسيح الموعود عَلَيهِ السَلام رَضِيَ اللهُ عَنْهُ هذه الحقيقة قائلاً:

الخطأ الثاني الذي وقع فيه المسلمون قبل بعثة المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام هو ظنهم أن بعض أجزاء القرآن منسوخة. فلقد رد عليه المسيح عَلَيهِ السَلام الموعود بطريقة لطيفة جداً إذ قال بأن الآيات التي يراها الناس منسوخة تحتوي على معارف عظيمة ذُهل حتى الأعداء بسماعها. والأصل الذي قدمه عَلَيهِ السَلام بهذا الخصوص هو أنه ما من آية من آيات القرآن الكريم إلا وتثبت حكمةُ أو ضرورةُ وجودها فيه. والآن أخذ هؤلاء القائلون بالنسخ يثبتون سمو الإسلام بتقديمهم أمام الأعداء تلك الآيات نفسها التي كانوا يحسبونها منسوخة؛ ومنها الآية: ﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾ (الكافرون: 7) كانوا يحسبونها منسوخة، أما الآن فيقدمونها أمام أعداء الإسلام برهانا على عظمة الإسلام.” (إنجازات المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام، الصفحة 63)

ويقول أيضا:

لانسخ في القرآن. لقد كان الناس -فيما مضى- إن لم يفهموا معنى آية قالوا إنها منسوخة، وهكذا جعلوا جزءا كبيرا من القرآن منسوخا. ومثلهم كمثل شخص كان يظن أنه من كبار الشجعان، وكان الناس في ذلك الزمن يتخذون علامةً ما لشجاعتهم ثم يطلبون رسمها بالوشم على جسمهم، فذهب هذا الشخص إلى وشّام وطلب منه رسم صورة أسد على ساعده. ولما بدأ الوشام عمله بغرز الجلد بالإبرة تألَّم وصرخ وسأله: ماذا تصنع؟ قال أرسم إحدى أُذني الأسد. قال ألا يبقى الأسدُ أسداً بدونها؟ قال بلى، سيظل أسدا. قال فلا ترسم الأذن وارسم عضواً آخر، وعند كل وخزة كان يقول له دعك من هذا وارسم عضواً آخر، فلم يزل يمنع الوشّام من رسم الصورة حتى قال له الوشّام: يمكنك العودة إلى بيتك لأنه لم يبق الآن أي عضوٍ من أعضاء الأسد حتى أرسمه. هذه هي حالة القرآن الكريم عند القائلين بالناسخ والمنسوخ فيه، لأن عدد الآيات المنسوخة قد وصل إلى ألف ومئة آية. فجاء المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام وقال بأنه لا توجد آية واحدة في القرآن الكريم منسوخة. ثم بين لهذه الآيات المنسوخة عندهم معاني لطيفة ومعارف دقيقة.” (إنجازات المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام، الصفحة 80)

إذن فقد نفى المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بنصوص صحيحة صريحة نفى النسْخ عن القرآن المجيد في الأحكام منه وفي والأخبار.

فماذا بقي ؟

إن هدف المعترض كما يقول في تدمير الجماعة الإسلامية الأحمدية وتخريبها من الداخل هو نفسه هدف الشيخ البطالوي -عدو المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام- حيث كتب البطالوي في مجلته “إشاعة السنة” أن المجلة بعد أن مدحت المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام سابقاً وشهدت له بالصدق ستنشر الآن الردود على دعاواه عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام وتسعى جاهدة لتفريق شمل جماعته، وقال البطالوي لحضرته عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام أنه لو لم تجعلك مجلة “إشاعة السنة” ولياً أو مُلهَماً عندما مدحتك لكنتَ عديم الاعتبار في نظر المسلمين كلهم، وأنه أي البطالوي هو الذي جعلك حامياً للإسلام، ثم قال:

لذا كان واجبا عليها (أي مجلة إشاعة السنة) وكان دَيناً عليها أنها كما رفعته إلى السماء بناء على دعواه القديمة كذلك ستُسقطه على الأرض نتيجة دعواه الجديدة، وبذلك تعوض ما فات، وألا تتعرض لأيّ موضوع آخر إلا لضرورة قصوى ما لم يعوَّض ذلك“. (مجلة إشاعة السنة، مجلد 13، رقم1، صفحة 4)

فلنر اليوم أين هو البطالوي ومجلته إشاعة السنة وأين هي الجماعة الإسلامية الأحمدية ومؤسسها حضرة مرزا غلام أحمد عَلَيهِ السَلام !

لقد اختفت المجلة واختفى قبر الشيخ البطالوي تماماً، فلا يذكر أحد أين هو ومن هو على الإطلاق رغم اللقاء بشخصيات مهمة وكبيرة في مدينة بطالة ولا يعلم أحد منهم من يكون الشيخ البطالوي ولا موضع قبره. (يمكن الاطلاع عَلَيهِ من هنا)

كل ذلك بينما نجد الجماعة الإسلامية الأحمدية في المقابل قد صارت جماعة عالمية بعشرات الملايين تنتشر في أكثر من 200 دولة حول العالم يعرفها القاصي والدان وقبر حضرة مرزا غلام أحمد عَلَيهِ السَلام موجود معروف في مقبرة الجنة بقاديان وحوله قبور صحابته رضوان الله عليهم يزوره آلاف الأحمديين سنوياً وله خلفاء خمسة لحد الآن رضوان الله عليهم أجمعين وأيَّد الخليفة الخامس حضرة مرزا مسرور أحمد بِنَصْرِهِ العَزِيز ولا تزال آثار بيت المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام وكتبه وكل مكان وصل إليه لا زالت كما هي، فقط الذي تغير هو تكريمها بالورود والرياحين وقصدها سنوياً للتذكر والمعاينة لكونها آثار المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام الذي بشر به النبي المصطفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم.

إنه الصفر مقابل عشرات الملايين !

فأين الثرى من الثريا !

وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

About الأستاذ فراس علي عبد الواحد

View all posts by الأستاذ فراس علي عبد الواحد