المظاهر الإعجازية في لغة المسيح الموعود عليه السلام العربية ..186

حين يوافق الإمام الشافعي المسيح الموعود عليه السلام في لغة أكلوني البراغيث

الاعتراض:

اعترض المعارضون على العديد من الفقرات في كلام المسيح الموعود عليه السلام والتي استعمل فيها لغة  أكلوني البراغيث، كمثل الفقرة التالية:

1- _ فانظر كيف ((يسعون هؤلاء)) إلى كل جهة (حمامة البشرى)

وادّعى المعارضون الخطأ أو عدم الفصاحة في مثل هذه اللغة.

الرد:

كنّا قد رددنا على هذا الاعتراض بالتفصيل في المقالين ( مظاهر الإعجاز 14 و133 على الروابط التالية:

لغة أكلوني البراغيث – بين الإثبات والتأويل في القرآن الكريم والحديث الشريف ولغة المسيح الموعود ؏ وكلام العرب

حين تلتقي لغة أكلوني البراغيث مع بدل الإضراب ..

وقلنا هناك ما مفاده أن هذه اللغة صحيحة واردة في القرآن الكريم وعن فصحاء العرب، لا سيما في الحديث الشريف على لسان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وتكلمت بها بعض القبائل العربية الفصيحة، وجوّزها العديد من النحاة.

وقلنا إن لهذه اللغة تفسيرها وقواعدها الخاصة بها عند أهلها ومن يأخذ بها من النحاة. حيث تُعتبر فيها الأحرف المتصلة بالأفعال وهي الواو والنون والألف، أحرفا لإسناد الفعل وليست ضمائرا، وهي تدل على التثنية والجمع والتأنيث؛ كما هو الأمر بالنسبة لتاء التأنيث اللاحقة بالفعل عند إسناده للمؤنث؛ أي أن هذه الأحرف لا تعتبر فاعلا أولا للفعل.

وبناء عليه أثبتنا صحة وفصاحة لغة المسيح الموعود عليه السلام عند استعماله لهذه اللغة.

ومن الجديد الذي عثرنا عليه في تأييد هذه اللغة وتأييد توجيهنا لكلام المسيح الموعود عليه السلام، هو ورود هذه اللغة في كلام الإمام الشافعي، حيث ورد في رسالته ما يلي:

” أخبرنا “سفيان” عن “الزهري” عن “عروة” عن “عائشة” قالت: ” كُنَّ النِّسَاءُ مِنَ المُؤْمِنَاتِ يُصَلِّينَ مَعَ النَّبِيِّ الصُّبْحَ، ثُمَّ يَنْصَرِفْنَ وَهُنَّ مُتَلَفِّعاتٌ بِمُرُوطِهِنَّ، مَا يَعْرِفُهُنَّ أحَدٌ مِنَ الغَلَسِ” [الرسالة للشافعي (1/ 282)]

وعن ورود هذه اللغة في كلام الشافعي رحمه الله جاء:

”   إسناد الفعل إلى المثنى أو الجمع مع وجود ضميره مظهراً : ـــ

مذهب جمهور العرب أن يكون الفعل خالياً من علامة تدل على الفاعل المجموع أو المثنى إستغناءً عنها بما في الفاعل من علامة تدل على الجمع أو التثنية. أما ما ورد من ذلك أي من إظهار علامة الفاعل وهو مجموع أو مثنى فمؤول، ومما ورد من ذلك قوله تعالى : وأسروا النجوى الذين ظلموا ، وقوله : ثم عموا وصموا كثيرٌ منهم، ومن كلام العرب قول الشاعر :تولّى قتالَ المارقينَ بنَفْسِهِ     وقد أسلماهُ مُبعدٌ وحميمُ

وقول الآخر: يَلُومُوننِي في اشتِراءِ النخـيـ         ل أِهلى ، فكلهم يَعْذِلُ

وقول الآخر: ولكنْ ديافيَّ أبوهُ وأمُّهُ               بحورانَ يَعْصِرْنَ السليط َأقار ِبُه واتخذ النووي من الحديث المشهور : يتعاقبون فيكم ملائكة ٌ … دليلاً وحجة لمن قال من النحويين بجواز إظهار ضمير الجمع والتثنية في الفعل إذا تقدم، وهي لغة بني الحارث، وحكوا فيه قولهم أكلوني البراغيث .

وعليه حمل الأخفش ومن وافقه قول الله تعالى : وأسروا النجوى الذين ظلموا.

وأشار سيبويه وأكثر النحويين إلى عدم جواز إظهار الضمير مع تقدم الفعل ، ويتأولون كل هذا ويجعلون الاسم بعده بدلاً من الضمير ، ولا يرفعونه بالفعل ، كأنّه لما قيل (واسروا النجوى) ، قيل : من هم ؟ قيل : (الذين ظلموا) ، وكذا يتعاقبون ونظائره.

والشافعيّ في كلامه يوافق رأي من أظهر الواو أو الألف أو النون وهي علامة دالة على الجمع أو التثنية، فهو يورد هذه اللغة في كلامه ، كما في قوله : ( كنَّ النساء من المؤمنات يصلين مع النبي الصُّبح…)، أسند الفعل (كان)إلى الجمع مع وجود ضميره مظهراً .[لغة الإمام الشافعي في مؤلفاته، أطروحة دكتوراة  لنافع سلمان جاسم، جامعة بغداد، كلية التربية / ابن رشد، اللغة العربية]

وبناء على ما تقدم نخلص إلى ما يلي:

  • هذه اللغة واردة في القرآن الكريم والحديث الشريف والشعر العربي مما يشهد على صحتها وفصاحتها.
  • أن كلّا من الإمام الشافعي والإمام النووي والأخفش يجوزون هذه اللغة. ويكفينا تجويز الإمام الشافعي لهذه اللغة -كونه حجة في اللغة – لإثبات صحتها وفصاحتها.
  • ومن هنا تثبت من جديد صحة وفصاحة لغة المسيح الموعود عليه السلام في استعماله لمثل هذه اللغة.